ينفك عنها وإن كان خارجا من حقيقتها، إذ لازم الشئ غير نفس الشئ، بل وغير ذاتياته الايساغوجي وإن أدخلوه في تعريفها، فهو من باب أنه قد يعرفون الشئ بلوازمه وآثاره وأعراضه، فيكون رسما لا حدا حسب اصطلاح المنطقيين.
الأمر الثالث: هل يعتبر في تحقق التوبة الاستغفار، أم لا؟
الحق في هذا المقام أن حقيقة التوبة في مقام اللب هو الندم عما صدر عنه من المعاصي، كما ورد أن " الندم توبة " 1، وأنه " كفى بالندم توبة " 2، وقوله عليه السلام في الصحيفة في دعاء التوبة: " اللهم إن يكن الندم توبة إليك فأنا أندم النادمين " 3 ولكن وصول هذه الحقيقة إلى مرحلة الاثبات يحتاج إلى الاعتراف باللسان والانشاء بهذه الكلمة المركبة من جملتي " استغفر الله ربي " وجملة " أتوب إليه "، وكمالها بالجري عملا على طبقها.
وذلك كما أن حقيقة الاسلام هو الاعتقاد بالشهادتين وأنه " لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله "، ولكن وصوله إلى مرتبة الاثبات بالاقرار والاعتراف بالجملتين باللسان، ولا تترتب عليه الآثار إلا بإظهار الجملتين، وكماله بالعمل بالأركان وأن يعمل بأحكام الاسلام بإتيان الواجبات، وفعل ما يقدر ويسهل عليه من المستحبات، وتركه جميع المحرمات، وما يسهل عليه تركه من المكروهات، فكذلك في المقام وإن كان حقيقة التوبة هي الندم والعزم على ترك العود إليه كما ذكرنا، وهذا أمر قلبي، ولكن بلوغها بمرتبة الاثبات وترتيب الآثار عليها بذكر الجملتين، أي