لأنا نقول: المسألة العرفية لا تدور مدار الدقائق الحكمية، ولا ريب في عدم عد هذا شكا حادثا بعده.
قيل: إطلاق الصحيح: (يا زرارة إذا خرجت من شئ ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشئ) (1) يشمل ما لو بقي ذلك الشك من الأول، أو عرض بعد الدخول والخروج.
قلت: أما أولا: فلا إطلاق فيه بعد ملاحظة مورده وسياقه، ولا يحتاج هذا إلى دليل.
وثانيا: أن مفهومه دل على أن الشك قبل الخروج شئ يترتب عليه حكم، وتسمية هذا الشك شكا بعد (2) الخروج ليس بأولى من تسميته شكا قبل الدخول والخروج، غايته تعارض الأمرين، فيرجع إلى الأصل الأولي.
فإن قلت: لا تعارض هنا، فإنا نقول: قبل الخروج شك له حكم، وبعده ينقلب لإطلاق الدليل.
قلنا: هذا تهافت في القول، إذ لا معنى بعد ذلك لترتب الحكم عليه، إذ لا بد من انقلابه، مع أن هذا مخالف للإجماع، بل الضرورة.
ولو كان الشك عائدا بعد الزوال بواسطة زوال مزيله وظهور خطأه في عده أمارة بعد الفراغ والدخول في الغير - بأقسامه السابقة التي قررنا عدم الفرق بينها من هذه الجهة - فهنا وجهان:
أحدهما: إدراج هذا تحت الشك الأثنائي، فلا يدخل تحت القاعدة، لأن الرجل - مثلا - إذا شك في أثناء وضوئه أو غسله في وجود حاجب في وجهه أو في أثناء طوافه في كون ثوبه ساترا للعورة - مثلا - أم لا، وزال شكه بتخيل أنه رفع الحاجب بالمسح بيده، وأن الثوب ساتر لوجود آخر تحته، فلما فرغ أو دخل في غيره شك أيضا في الحجب والستر من جهة تيقن عدم المسح باليد أو عدم