تحليلها التسليم، أي انحصر تحليلها في التسليم لا تحليل لها غيره، وسيأتي ذكر القائلين بالوجوب وذكر الجواب عليهم. وأما حديث ابن مسعود فقال البيهقي في الخلافيات أنه كالشاذ من قول عبد الله، وإنما جعله كالشاذ لأن أكثر أصحاب الحسن بن الحر لم يذكروا هذه الزيادة لا من قول ابن مسعود مفصولة من الحديث، ولا مدرجة في آخره، وإنما رواه بهذه الزيادة عبد الرحمن بن ثابت عن الحسن فجعلها من قول ابن مسعود، وزهير بن معاوية عن الحسن فأدرجها في آخر الحديث في قول أكثر الرواة عنه، ورواها شبابة بن سوار عنه مفصولة كما ذكر الدارقطني. وقد روى البيهقي من طريق أبي الأحوص عن ابن مسعود ما يخالف هذه الزيادة بلفظ: مفتاح الصلاة التكبير وانقضاؤها التسليم إذا سلم الامام فقم إن شئت. قال: وهذا الأثر صحيح عن ابن مسعود. وقال ابن حزم: قد صح عن ابن مسعود إيجاب السلام فرضا، وذكر رواية أبي الأحوص هذه عنه. قال البيهقي: إن تعليم النبي صلى الله عليه وآله وسلم التشهد لابن مسعود، كان قبل فرض التسليم ثم فرض بعد ذلك، وقد صرح بأن تلك الزيادة المذكورة في حديث الباب مدرجة جماعة من الحفاظ منهم الحاكم والبيهقي والخطيب، وقال البيهقي في المعرفة: ذهب الحفاظ إلى أن هذا وهم من زهير بن معاوية. وقال النووي في الخلاصة: اتفق الحفاظ على أنها مدرجة انتهى. وقد رواه عن الحسن بن الحر حسين الجعفي، ومحمد بن عجلان، ومحمد بن أبان، فاتفقوا على ترك هذه الزيادة في آخر الحديث، مع اتفاق كل من روى التشهد عن علقمة وعن غيره عن ابن مسعود على ذلك. (والحديث) يدل على عدم وجوب السلام، وقد ذهب إلى ذلك أبو حنيفة والناصر، وروى ذلك الترمذي عن أحمد وإسحاق بن راهويه. ورواه أيضا عن بعض أهل العلم.
قال العراقي: وروي عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود. وذهب إلى الوجوب أكثر العترة والشافعي، قال النووي في شرح مسلم: وهو مذهب جمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم. (واحتجوا) بحديث تحليلها التسليم، وهو لا ينتهض للاحتجاج به إلا بعد تسليم تأخره عن حديث المسئ، لما عرفناك في شرحه من أنه لا يثبت الوجوب إلا بما علم تأخره عنه، لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز بالاجماع، لا سيما وقد ثبت في بعض الروايات: فإذا فعلت ذلك فقدت تمت صلاتك كما قدمنا ذلك. إذا عرفت هذا تبين لك أن هذا الحديث لا يكون حجة يجب التسليم لها إلا بعد العلم بتأخره. ويؤيد