السلام على عباد الله، الحديث أخرجه الدارقطني والبيهقي وصححاه، وهو مشعر بفرضية التشهد. وأجاب عن ذلك القائلون بعدم الوجوب بأن الأوامر المذكورة في الحديث للارشاد لعدم ذكر التشهد الأخير في حديث المسئ، وعن قول ابن مسعود بأنه تفرد به ابن عيينة كما قال ابن عبد البر، ولكن هذا لا يعد قادحا. وأما الاعتذار بعدم الذكر في حديث المسئ فصحيح، إلا أن يعلم تأخر الامر بالتشهد عنه كما قدمنا. وأما الاعتذار عن الوجوب بأن الامر المذكور صرف لهم عما كانوا يقولون من تلقاء أنفسهم فلا يدل على الوجوب، أو بأن قول ابن عباس: كما يعلمنا السورة يرشد إلى الارشاد، لأن تعليم السورة غير واجب فمما لا يعول عليه. (ومن جملة) ما استدل به القائلون بعدم الوجوب ما ثبت في بعض روايات حديث المسئ من قوله (ص): فإذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك. ويتوجه على القائلين بالوجوب إيجاب جميع التشهد وعدم التخصيص بالشهادتين كما قالت الهادوية بنفس الدليل الذي استدلوا به على ذلك. وقد اختلف العلماء في الأفضل من التشهدات، فذهب الشافعي وبعض أصحاب مالك إلى أن تشهد ابن عباس أفضل لزيادة لفظ المباركات فيه كما يأتي. وقال أبو حنيفة وأحمد وجمهور الفقهاء وأهل الحديث: تشهد ابن مسعود أفضل لما قدمناه من المرجحات، وقال مالك: تشهد عمر بن الخطاب أفضل لأنه علمه الناس على المنبر ولم ينازعه أحد ولفظه: التحيات لله الزاكيات الطيبات الصلوات لله الحديث، وفي رواية:
بسم الله خير الأسماء، قال البيهقي: لم يختلفوا في أن هذا الحديث موقوف على عمر، ورواه بعض المتأخرين عن مالك مرفوعا. قال الحافظ: وهو وهم، وقالت الهادوية: أفضلها ما رواه زيد بن علي عن علي عليه السلام ولفظه: بسم الله وبالله والحمد لله والأسماء الحسنى كلها لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. وضم إليه أبو طالب ما رواه الهادي في المنتخب من زيادة التحيات لله والصلوات والطيبات بعد قوله: والأسماء الحسنى كلها لله. قال النووي: واتفق العلماء على جوازها كلها، يعني التشهدات الثابتة من وجه صحيح، وكذلك نقل الاجماع القاضي أبو الطيب الطبري.
وعن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن فكان يقول: التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله رواه مسلم وأبو داود بهذا اللفظ، ورواه الترمذي وصححه كذلك، لكنه ذكر السلام منكرا. ورواه ابن ماجة كمسلم لكنه قال: وأشهد