الحديث أخرجه أيضا الترمذي وصححه ابن حبان وابن خزيمة. قوله: أزيز الأزيز بفتح الألف بعدها زاي مكسورة، ثم تحتانية ساكنة، ثم زاي أيضا وهو صوت القدر، قال في النهاية: هو أن يجيش جوفه ويغلي من البكاء. قوله: كأزيز المرجل المرجل بكسر الميم وسكون الراء وفتح الجيم قدر من نحاس، وقد يطلق على كل قدر يطبخ فيها، ولعله المراد في الحديث. وفي رواية أبي داود كأزيز الرحا يعني الطاحون.
قوله: من البكاء فيه دليل على أن البكاء لا يبطل الصلاة، سواء ظهر منه حرفان أم لا، وقد قيل: إن كان البكاء من خشية الله لم يبطل، وهذا الحديث يدل عليه، ويدل عليه أيضا ما رواه ابن حبان بسنده إلى علي بن أبي طالب قال: ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد بن الأسود، ولقد رأيتنا وما فينا قائم إلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح. وبوب عليه ذكر الإباحة للمرء أن يبكي من خشية الله. وأخرج البخاري وسعيد بن منصور وابن المنذر أن عمر صلى صلاة الصبح وقرأ سورة يوسف حتى بلغ إلى قوله: * (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) * فسمع نشيجه واستدل المصنف على جواز البكاء في الصلاة بالآية التي ذكرها لأنها تشمل المصلي وغيره.
وعن ابن عمر قال: لما اشتد برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجعه قيل له الصلاة، قال: مروا أبا بكر فليصل بالناس، فقالت عائشة: إن أبا بكر رجل رقيق إذا قرأ غلبه البكاء، فقال: مروه فليصل، فعاودته، فقال: مروه فليصل إنكن صواحب يوسف رواه البخاري ومعناه متفق عليه من حديث عائشة.
قوله: رجل رقيق أي رقيق القلب. وفي رواية للبخاري: أنها قالت: إن أبا بكر أسيف إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس. قوله: إنكن صواحب يوسف صواحب جمع صاحبة، والمراد أنهن مثل صواحب يوسف في إظهار خلاف ما في الباطن، وهذا الخطاب وإن كان بلفظ الجمع فالمراد به واحدة هي عائشة فقط، كما أن المراد بصواحب يوسف زليخا فقط كذا قال الحافظ. ووجه المشابهة بينهما في ذلك أن زليخا استدعت النسوة وأظهرت لهن الاكرام بالضيافة ومرادها زيادة على ذلك وهو أن ينظرن إلى حسن يوسف ويعذرنها في محبته، وأن عائشة أظهرت أن سبب إرادتها صرف الامام عن أبيها كونه لا يسمع المأمومين القراءة لبكائه، ومرادها