من طريق غندر عن شعبة قلنا: قد نسي طول القيام أي لأجل طول قيامه. (والحديث) يدل على مشروعية تطويل الاعتدال من الركوع والجلسة بين السجدتين، وقد ذهب بعض الشافعية إلى بطلان الصلاة بتطويل الاعتدال والجلوس بين السجدتين محتجا بأن طولهما ينفي الموالاة، وما أدري ما يكون جوابه عن حديث الباب. وعن حديث حذيفة الآتي بعده. وعن حديث البراء المتفق عليه: أنه كان ركوعه صلى الله عليه وآله وسلم وسجوده وإذا رفع من الركوع وبين السجدتين قريبا من السواء. ولفظ مسلم:
وجدت قيامه فركعته فاعتداله الحديث. وفي لفظ للبخاري: كان ركوع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسجوده وبين السجدتين وإذا رفع رأسه من الركوع ما خلا القيام والقعود قريبا من السواء. قال ابن دقيق العيد: هذا الحديث يدل على أن الاعتدال ركن طويل، وحديث أنس أصرح في الدلالة على ذلك بل هو نص فيه، فلا ينبغي العدول عنه لدليل ضعيف وهو قولهم: لم يسن فيه تكرير التسبيحات كالركوع والسجود. ووجه ضعفه أنه قياس في مقابلة النص فهو فاسد انتهى. على أنه قد ثبتت مشروعية أذكار في الاعتدال أكثر من التسبيح المشروع في الركوع والسجود كما تقدم وسيأتي.
وأما القول بأن طولهما ينفي الموالاة فباطل، لأن معنى الموالاة أن لا يتخلل فصل طويل بين الأركان مما ليس فيها، وما ورد به الشرع لا يصح نفي كونه منها، وقد ترك الناس هذه السنة الثابتة بالأحاديث الصحيحة محدثهم وفقيههم ومجتهدهم ومقلدهم، فليت شعري ما الذي عولوا عليه في ذلك والله المستعان.
وعن حذيفة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول بين السجدتين:
رب اغفر لي رب اغفر لي رواه النسائي وابن ماجة.
الحديث أخرجه أيضا الترمذي وأبو داود عن حذيفة مطولا ولفظه: أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي من الليل وكان يقول: الله أكبر ثلاثا، ذو الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة، ثم استفتح فقرأ البقرة، ثم ركع فكان ركوعه نحوا من قيامه وكان يقول في ركوعه:
سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، ثم رفع رأسه من الركوع فكان قيامه نحوا من قيامه وفي رواية الأسارى: حوا من ركوعه وكان يقول لربي الحمد، ثم يسجد فكان سجوده نحوا من قيامه فكان يقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى ثم يرفع رأسه من السجود، وكان يقعد فيما بين السجدتين نحوا من سجوده وكان يقول: رب اغفر لي رب