فوق ثلاث ليال، إلا على زواج أربعة أشهر وعشرا فليس فيه حجة، لأنه استثناء من حظر فهو يقتضي الإباحة دون الايجاب. وكذلك حديث زينب بنت جحش. قال القاضي: وفي الامر إذا ورد بعد الحظر خلاف بين المتكلمين: أعني هل يقتضي الوجوب أو الإباحة.
وسبب الخلاف: بين من أوجبه على المسلمة دون الكافرة أن من رأى أن الاحداد عبادة لم يلزمه الكافرة، ومن رأى أنه معنى معقول، وهو تشوف الرجال إليها وهي إلى الرجال، سوى بين الكافرة والمسلمة، ومن راعى تشوف الرجال دون تشوف النساء فرق بين الصغيرة والكبيرة إذا كانت الصغيرة لا يتشوف الرجال إليها، ومن حجة من أوجبه على المسلمات دون الكافرات قوله عليه الصلاة والسلام لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد إلا على زوج قال: وشرطه الايمان في الاحداد يقتضي أنه عبادة. وأما من فرق بين الأمة والحرة وكذلك الكتابية، فلانه زعم أن عدة الوفاة أوجبت شيئين باتفاق: أحدهما: الاحداد، والثاني: ترك الخروج، فلما سقط ترك الخروج عن الأمة بتبذلها والحاجة إلى استخدامها سقط عنها منع الزينة. وأما اختلافهم في المكاتبة فمن قبل ترددها بين الحرة والأمة، وأما الأمة بملك اليمين وأم الولد، فإنما صار الجمهور إلى اسقاط الاحداد عنها لقوله عليه الصلاة والسلام لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد إلا على زوج فعلم بدليل الخطاب أن من عدا ذات الزوج لا يجب عليها إحداد، ومن أوجبه على المتوفى عنها زوجها دون المطلقة تعلق بالظاهر المنطوق به، ومن ألحق المطلقات بهن فمن طريق المعنى، وذلك أنه يظهر من معنى الاحداد أن المقصود به أن لا تتشوف إليها الرجال في العدة ولا تتشوف هي إليهم. وذلك سدا للذريعة لمكان حفظ الأنساب، والله أعلم. كمل كتاب الطلاق والحمد لله على آلائه، والشكر على نعمه، ويتلوه كتاب البيوع إن شاء الله تعالى.