ذلك راجع إلى نيته، فإن قصد التأكيد كانت الكفارة واحدة، وإن أراد استئناف الظهار كان ما أراد ولزمه من الكفارات على عدد الظهار. وقال يحيى بن سعيد: تلزم الكفارة على عدد الظهار سواء أكان في مجلس واحد أو في مجالس شتى. والسبب في هذا الاختلاف: أن الظهار الواحد بالحقيقة هو الذي يكون بلفظ واحد من امرأة واحدة في وقت واحد، والمتعدد بلا خلاف هو الذي يكون بلفظين من امرأتين في وقتين، فإن كرر اللفظ من امرأة واحدة، فهل يوجب تعدد اللفظ تعدد الظهار، أم لا يوجب ذلك فيه تعددا؟ وكذلك إن كان اللفظ واحدا والمظاهر منها أكثر من واحدة؟ وذلك أن هذه بمنزلة المتوسطات بين ذينك الطرفين، فمن غلب شبه الطرف الواحد أوجب له حكمه، ومن غلب شبه الطرف الثاني أوجب له حكمه. ومنها إذا ظاهر من امرأته ثم مسها قبل أن يكفر هل عليه كفارة واحدة أم لا؟ فأكثر فقهاء الأمصار: مالك والشافعي وأبو حنيفة والثور والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود والطبري وأبو عبيد أن في ذلك كفارة واحدة والحجة لهم حديث سلمة بن صخر البياضي أنه ظاهر من امرأته في زمان رسول الله (ص) ثم وقع بامرأته قبل أن يكفر، فأتى رسول الله (ص) فذكر له ذلك فأمره أن يكفر تكفيرا واحدا. وقال قوم: عليه كفارتان: كفارة العزم على الوطئ، وكفارة الوطئ، لأنه وطئ وطأ محرما، وهو مروي عن عمرو بن العاص وقبيصة بن ذؤيب وسعيد بن جبير وابن شهاب، وقد قيل: إنه لا يلزمه شئ لا عن العود ولا عن الوطئ، لان الله تعالى اشترط صحة الكفارة قبل المسيس، فإذا مس فقد خرج وقتها فلا تجب إلا بأمر مجدد، وذلك معدوم في مسألتنا. وفيه شذوذ.
وقال أبو محمد ابن حزم: من كان فرضه الاطعام فليس يحرم عليه المسيس قبل الاطعام، وإنما يحرم المسيس على من كان فرضه العتق أو الصيام.