هل يجزيه عتق مدبره؟ فقال مالك: لا يجزيه تشبيها بالكتابة لأنه عقد ليس له حلة، وقال الشافعي: يجزيه، ولا يجزي عند مالك إعتاق أم ولده ولا المعتق إلى أجل مسمى. وأما عتق أم الولد فلان عقدها آكد من عقد الكتابة والتدبير، بدليل أنهما قد يطرأ عليهما الفسخ. أما في الكتابة فمن العجز عن أداء النجوم. وأما التدبير فإذا ضاق عنه الثلث. وأما العتق إلى أجل فإنه عقد عتق لا سبيل إلى حله. واختلف مالك والشافعي مع أبي حنيفة في إجزاء عتق من يعتق عليه بالنسب، فقال مالك والشافعي: لا يجزئ عنه وقال أبو حنيفة:
إذا نوى به عتقه عن ظهار أجزأ. فأبو حنيفة شبهه بالرقبة التي لا يجب عتقها، وذلك أن كل واحدة من الرقبتين غير واجب عليه شراؤها وبذل القيمة فيها على وجه العتق، فإذا نوى بذلك التكفير جاز، والمالكية والشافعية رأت أنه إذا اشترى من يعتق عليه عتق عليه من غير قصد إلى إعتاقه فلا يجزيه، فأبو حنيفة أقام القصد للشراء مقام العتق، وهؤلاء قالوا: لا بد أن يكون قاصدا للعتق نفسه، فكلاهما يسمى معتقا باختياره، ولكن أحدهما معتق بالاختيار الأول، والآخر معتق بلازم الاختيار، فكأنه معتق على القصد الثاني ومشتر على القصد الأول، والآخر بالعكس. واختلف مالك والشافعي فيمن أعتق نصفي عبدين. فقال مالك:
لا يجوز ذلك، وقال الشافعي: يجوز لأنه في معنى الواحد ومالك تمسك بظاهر دلالة اللفظ. فهذا ما اختلفوا فيه من شروط الرقبة المعتقة. وأما شروط الاطعام فإنهم اختلفوا من ذلك في القدر الذي يجزي لمسكين مسكين من الستين مسكينا الذين وقع عليهم النص، فعن مالك في ذلك روايتان أشهرهما أن ذلك مد بمد هشام لكل واحد، وذلك مدان بمد النبي (ص)، وقد قيل هو أقل، وقد قيل هو مد وثلث. وأما الرواية الثانية فمد مد لكل مسكين بمد النبي (ص)، وبه قال الشافعي. فوجه الرواية الأولى اعتبار الشبع غالبا: أعني الغداء والعشاء، ووجه الرواية الثانية اعتبار هذه الكفارة بكفارة اليمين. فهذا هو اختلافهم في شروط الصحة في الواجبات في هذه الكفارة. وأما اختلافهم في مواضع تعددها ومواضع اتحادها، فمنها إذا ظاهر بكلمة واحدة من نسوة أكثر من واحدة هل يجزي في ذلك كفارة واحدة، أم يكون عدد الكفارات على عدد النسوة؟ فعند مالك أنه يجزي في ذلك كفارة واحدة، وعند الشافعي وأبي حنيفة أن فيها من الكفارات بعدد المظاهر منهن إن اثنتين فاثنتين. وإن ثلاثا فثلاثا، وإن أكثر فأكثر، فمن شبهه بالطلاق أوجب في كل واحدة كفارة، ومن شبهه بالايلاء أوجب فيه كفارة واحدة، وهو بالايلاء أشبه. ومنها إذا ظاهر من امرأته في مجالس شتى هل عليه كفارة واحدة، أو على عدد المواضع التي ظاهر فيها؟ فقال مالك: ليس عليه إلا كفارة واحدة، إلا أن يظاهر ثم يكفر ثم يظاهر فعليه كفارة ثانية، وبه قال الأوزاعي وأحمد وإسحاق. وقال أبو حنيفة والشافعي: لكل ظهار كفارة. وأما إذا كان ذلك في مجلس واحد فلا خلاف عند مالك أن في ذلك كفارة واحدة. وعند أبي حنيفة أن