عن ابن الزبير. قال الشافعي: فإذا احتج محتج بهذا قيل له: إن ابن عباس قد ردها، والقرآن يدل على بطلانها، وقال بقول مالك ابن أبي ليلى وقوم من التابعين، وإجازة مالك لذلك هو من باب إجازته قياس المصلحة. وأما الاسلام فاتفقوا على أنه شرط في القبول، وأنه لا تجوز شهادة الكافر، إلا ما اختلفوا فيه من جواز ذلك في الوصية في السفر لقوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم) * الآية. فقال أبو حنيفة: يجوز ذلك على الشروط التي ذكرها الله تعالى. وقال مالك والشافعي: لا يجوز ذلك، ورأوا أن الآية منسوخة. وأما الحرية فإن جمهور فقهاء الأمصار على اشتراطها في قبول الشهادة، وقال أهل الظاهر: تجوز شهادة العبد، لان الأصل إنما هو اشتراط العدالة، والعبودية ليس لها تأثير في الرد، إلا أن يثبت ذلك من كتاب الله أو سنة أو إجماع، وكأن الجمهور رأوا أن العبودية أثر من أثر الكفر فوجب أن يكون لها تأثير في رد الشهادة. وأما التهمة التي سببها المحبة، فإن العلماء أجمعوا على أنها مؤثرة في اسقاط الشهادة. واختلفوا في رد شهادة العدل بالتهمة لموضع المحبة أو البغضة التي سببها العداوة الدنيوية، فقال بردها فقهاء الأمصار، إلا أنهم اتفقوا في مواضع على إعمال التهمة، وفي مواضع على اسقاطها، وفي مواضع اختلفوا فيها، فأهملها بعضهم وأسقطها بعضهم. فمما اتفقوا عليه رد شهادة الأب لابنه والابن لأبيه، وكذلك الأم لابنها وابنها لها. ومما اختلفوا في تأثير التهمة في شهادتهم شهادة الزوجين أحدهما للآخر، فإن مالكا ردها وأبا حنيفة، وأجازها الشافعي وأبو ثور والحسن، وقال ابن أبي ليلى: تقبل شهادة الزوج لزوجه ولا تقبل شهادتها له، وبه قال النخعي. وممن اتفقوا على اسقاط التهمة فيه شهادة الأخ لأخيه ما لم يدفع بذلك عن نفسه عارا علما قال مالك، وما لم يكن منقطعا إلى أخيه ينال بره وصلته، ما عدا الأوزاعي فإنه قال: لا تجوز. ومن هذا الباب اختلافهم في قبول شهادة العدو على عدوه، فقال مالك والشافعي: لا تقبل، وقال أبو حنيفة: تقبل. فعمدة الجمهور في رد الشهادة بالتهمة:
ما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: لا تقبل شهادة خصم ولا ظنين وما خرجه أبو داود من قوله عليه الصلاة والسلام: لا تقبل شهادة بدوي على حضري لقلة شهود البدوي ما يقع في المصر، فهذه فهذه هي عمدتهم من طريق السماع. وأما من طريق المعنى فلموضع التهمة، وقد أجمع الجمهور على تأثيرها في الأحكام الشرعية مثل اجتماعهم على أنه لا يرث القاتل المقتول، وعلى توريث المبتوتة في المرض وإن كان فيه خلاف. وأما الطائفة الثانية وهم شريح وأبو ثور وداود فإنهم قالوا: تقبل شهادة الأب لابنه فضلا عمن