عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي بمعنى حديث عمرو بن شعيب. وعمدة أهل الظاهر: عموم قوله تعالى: * (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) * الآية. قالوا: فوجب أن تحمل الآية على عمومها، إلا ما خصصته السنة الثابتة ذلك. وقد خصصت السنة الثابتة المقدار الذي يقطع فيه من الذي لا يقطع فيه. وردوا حديث عمرو بن شعيب لموضع الاختلاف الواقع في أحاديث عمرو بن شعيب. وقال أبو عمر بن عبد البر: أحاديث عمرو بن شعيب العمل بها واجب إذا رواها الثقات. وأما الحرز عند الذين أوجبوه فإنهم اتفقوا منه على أشياء واختلفوا في أشياء، مثل اتفاقهم على أن باب البيت وغلقه حرز واختلافهم في الأوعية. ومثل اتفاقهم على من سرق من بيت دار غير مشتركة السكنى أنه لا يقطع حتى يخرج من الدار، واختلافهم في الدار المشتركة، فقال مالك وكثير ممن اشترط الحرز: تقطع يد إذا أخرج من البيت، وقال أبو يوسف ومحمد: لا قطع عليه إلا إذا أخرج من الدار.
ومنها اختلافهم في القبر هل هو حرز حتى يجب القطع على النباش، أو ليس بحرز؟ فقال مالك والشافعي وأحمد وجماعة: هو حرز، وعلى النباش القطع، وبه قال عمر بن عبد العزيز، وقال أبو حنيفة: لا قطع عليه، وكذلك قال سفيان الثوري، وروي ذلك عن زيد بن ثابت والحرز عند مالك بالجملة هو كل شئ جرت العادة بحفظ ذلك الشئ المسروق فيه، فمرابط الدواب عنده أحراز، وكذلك الأوعية، وما على الانسان من اللباس، فالانسان حرز لكل ما عليه أو هو عنده. وإذا توسد النائم شيئا فهو له حرز على ما جاء في حديث صفوان بن أمية وسيأتي بعد، وما أخذه من المنتبه فهو اختلاس. ولا يقطع عند مالك سارق ما كان على الصبي من الحلي أو غيره إلا أن يكون معه حافظ يحفظه، ومن سرق من الكعبة شيئا لم يقطع عنده، وكذلك من المساجد، وقد قيل في المذهب إنه إن سرق منها ليلا قطع.
وفروع هذا الباب كثيرة فيما هو حرز وما ليس بحرز. واتفق القائلون بالحرز على أن كل من سمي مخرجا للشئ من حرزه وجب عليه القطع، وسواء أكان داخل الحرز أو خارجه.
وإذا ترددت التسمية وقع الخلاف، مثل اختلاف المذهب إذا كانا سارقان: أحدهما: داخل البيت، والآخر خارجه، فقرب أحدهما المتاع المسروق إلى ثقب في البيت فتناوله الآخر، فقيل: القطع على الخارج المتناول له، وقيل: لا قطع على واحد منهما، وقيل: القطع على المقرب للمتاع من الثقب. والخلاف في هذا كله: آيل إلى انطلاق اسم المخرج من الحرز عليه أو لا انطلاقه. فهذا هو القول في الحرز واشتراطه في وجوب القطع، ومن رمى بالمسروق من الحرز ثم أخذه خارج الحرز قطع، وقد توقف مالك فيه إذا أخذ بعد رميه وقبل أن يخرج، وقال ابن القاسم: يقطع.