وزيد بن خالد من قوله عليه الصلاة والسلام: اغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها، فاعترفت فرجمها ولم يذكر عددا. وعمدة الكوفيين: ما ورد من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي عليه الصلاة والسلام: أنه رد ماعزا حتى أقر أربع مرات ثم أمر برجمه وفي غيره من الأحاديث قالوا: وما ورد في بعض الروايات أنه أقر مرة ومرتين وثلاثا تقصير، ومن قصر فليس بحجة على من حفظ.
وأما المسألة الثانية: وهي من اعترف بالزنا ثم رجع، فقال جمهور العلماء: يقبل رجوعه، إلا ابن أبي ليلى وعثمان البتي، وفصل مالك فقال: إن رجع إلى شبهة قبل رجوعه. وأما إن رجع إلى غير شبهة فعنه في ذلك روايتان: أحداهما: يقبل وهي الرواية المشهورة. والثانية: لا يقبل رجوعه، وإنما صار الجمهور إلى تأثير الرجوع في الاقرار لما ثبت من تقريره (ص) ماعزا وغيره مرة بعد مرة لعله يرجع. ولذلك لا يجب على من أوجب سقوط الحد بالرجوع أن يكون التمادي على الاقرار شرطا من شروط الحد. وقد روي من طريق أن ماعزا لما رجم ومسته الحجارة هرب فاتبعوه، فقال لهم: ردوني إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقتلوه رجما وذكروا ذلك للنبي عليه الصلاة والسلام فقال: هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه ومن هنا تعلق الشافعي بأن التوبة تسقط الحدود، والجمهور على خلافه، وعلى هذا يكون عدم التوبة شرطا ثالثا في وجوب الحد. وأما ثبوت الزنا بالشهود فإن العلماء اتفقوا على أنه يثبت الزنا بالشهود وأن العدد المشترط في الشهود أربعة بخلاف سائر الحقوق لقوله تعالى: * (ثم لم يأتوا بأربعة شهداء) * وأن من صفتهم أن يكونوا عدولا، وأن من شرط هذه الشهادة أن تكون بمعاينة فرجه في فرجها، وأنها تكون بالتصريح لا بالكناية، وجمهورهم على أن من شرط هذه الشهادة أن لا تختلف لا في زمان ولا في مكان، إلا ما حكي عن أبي حنيفة من مسألة الزوايا المشهورة، وهو أن يشهد كل واحد من الأربعة أنه رآها في ركن من البيت يطؤها غير الركن الذي رآه فيه الآخر. وسبب الخلاف: هل تلفق الشهادة المخالفة بالمكان أم لا تلفق كالشهادة المختلفة بالزمان؟ فإنهم أجمعوا على أنها لا تلفق، والمكان أشبه بالزمان. والظاهر من الشرع قصده إلى التوثق في ثبوت هذا الحد أكثر منه في سائر الحدود. وأما اختلافهم في إقامة الحدود بظهور الحمل مع دعوى الاستكراه، فإن طائفة أوجبت الحد على ما ذكره مالك في الموطأ من حديث عمر، وبه قال مالك، إلا أن تكون جاءت بأمارة على استكراهها، مثل أن تكون بكرا فتأتي وهي تدمي، أو تفضح نفسها بأثر الاستكراه، وكذلك عنده الامر إذا ادعت الزوجية إلا أن تقيم البينة على ذلك،