أو مثمونين بثمن واحد على أن أحد البيعين قد لزم. أما في مثمونين بثمنين، فإن ذلك يتصور على وجهين: أحدهما: أن يقول له: أبيعك هذه السلعة بثمن كذا على أن تبيعني هذه الدار بثمن كذا، والثاني: أن يقول له: أبيعك هذه السلعة بدينار أو هذه الأخرى بدينارين.
وأما بيع مثمون واحد بثمنين، فإن ذلك يتصور أيضا على وجهين: أحدهما: أن يكون أحد الثمنين نقدا والآخر نسيئة، مثل أن يقول له: أبيعك هذا الثوب نقدا بثمن كذا على أن أشتريه منك إلى أجل كذا بثمن كذا، وأما مثمونان بثمن واحد، فمثل أن يقول له: أبيعك أحد هذين بثمن كذا. أما الوجه الأول: وهو أن يقول له: أبيعك هذه الدار بكذا على أن تبيعني هذا الغلام بكذا، فنص الشافعي على أنه لا يجوز، لان الثمن في كليهما يكون مجهولا، لأنه لو أفرد المبيعين لم يتفقا في كل واحد منهما على الثمن الذي اتفقا عليه في المبيعين في عقد واحد، وأصل الشافعي في رد بيعتين في بيعة إنما هو جهل الثمن أو المثمون. وأما الوجه الثاني: وهو أن يقول: أبيعك هذه السلعة بدينار أو هذه الأخرى بدينارين على أن البيع قد لزم في أحدهما فلا يجوز عند الجميع، وسواء أكان النقد واحدا أو مختلفا، وخالف عبد العزيز بن أبي سلمة في ذلك، فأجازه إذا كان النقد واحدا أو مختلفا، وعلة منعه عند الجميع الجهل، وعند مالك من باب سد الذرائع لأنه ممكن أن يختار في نفسه أحد الثوبين، فيكون قد باع ثوبا ودينارا بثوب ودينار، وذلك لا يجوز على أصل مالك. وأما الوجه الثالث: وهو أن يقول له: أبيعك هذا الثوب نقدا بكذا أو نسيئة بكذا، فهذا إذا كان البيع فيه واجبا فلا خلاف في أنه لا يجوز وأما إذ لم يكن البيع لازما في أحدهما فأجازه مالك، ومنعه أبو حنيفة والشافعي، لأنهما افترقا على ثمن غير معلوم، وجعله مالك من باب الخيار، لأنه إذا كان عنده على الخيار لم يتصور فيه ندم يوجب تحويل أحد الثمنين في الآخر، وهذا عند مالك هو المانع، فعلة امتناع هذا الوجه الثالث عند الشافعي وأبي حنيفة من جهة جهل الثمن، فهو عندهما من بيوع الغرر التي نهي عنها، وعلة امتناعه عند مالك سد الذريعة الموجبة للربا لامكان أن يكون الذي له الخيار قد اختار أولا إنفاذ العقد بأحد الثمنين المؤجل أو المعجل ثم بدا له ولم يظهر ذلك، فيكون قد ترك أحد الثمنين للثمن الثاني، فكأنه باع أحد الثمنين بالثاني، فيدخله ثمن بثمن نسيئة، أو نسيئة ومتفاضلا، وهذا كله إذا كان الثمن نقدا، وإن كان الثمن غير نقد بل طعاما دخله وجه آخر، وهو بيع الطعام بالطعام متفاضلا. وأما إذا قال: أشتري منك هذا الثوب نقدا بكذا على أن تبيعه مني إلى أجل. فهو عندهم لا يجوز بإجماع، لأنه من باب العينة وهو بيع الرجل ما ليس عنده، ويدخله أيضا علة جهل الثمن. وأما إذا قال له: أبيعك أحد هذين الثوبين بدينار وقد لزمه أحدهما أيهما يختار وافترقا قبل الخيار، فإذا كان الثوبان من صنفين وهما مما يجوز أن يسلم أحدهما في الثاني فإنه لا خلاف بين مالك والشافعي في أنه