حال الشهود وأما باطنه فعلمه إلى الله تعالى، (وإن شهدوا بدين) وحكم بشهادتهم (فأبرأ) المدين (منه مستحقه ثم رجعا) أي الشاهدان (لم يغرماه للمشهود عليه) لأنه لم يغرم شيئا، وكذا لو شهدا على سيد عبد أنه أعتقه على مائة وقيمته مائة ثم رجعا عن شهادتهما لم يغرما شيئا لأنهما لم يفوتا على رب العبد شيئا، (ولو قبضه) أي الدين (مشهود له، ثم وهبه لمشهود عليه ثم رجعا) عن شهادتهما (غرماه) أي غرما المال المشهود به كما لو تنصف الصداق بعد هبتها إياه لزوجها فإن المرأة تغرم للزوج نصفه كما تقدم، (وإن رجع شهود طلاق قبل الدخول) بالمطلقة (وبعد الحكم غرموا نصف المسمى أو بدله) وهو المتعة لم يسم لها مهر الشهود ألزموه للزوج بشهادتهم بطلاقها كما يغرم ذلك من فسخ نكاحه برضاع ونحوه، (وإن كان) الطلاق المشهود به (بعده) أي بعد الدخول وحكم بشهادتهم ثم رجعوا (ولو) كان الطلاق (بائنا لم يغرموا) أي الشهود شيئا من المهر لأن المهر قد تقرر عليه كله بالدخول فلم يقرروا عليه شيئا بشهادتهم ولم يخرجوا عن ملكه شيئا متقوما أشبهوا قاتلها، (وإن رجع شهود قصاص أو) شهود (حد بعد الحكم) بشهادتهم (وقبل الاستيفاء لم يستوف) القود ولا الحد لأن المحكوم به عقوبة لا سبيل إلى جبرها إذا استوفيت بخلاف المال ولان رجوع الشهود شبهة لاحتمال صدقهم والقود والحد يدرءان بالشبهة، (ووجبت دية قود للمشهود له) لأن الواجب بالعمد أحد شيئين وقد سقط أحدهما فتعين الآخر ويرجع المشهود عليه بما غرمه من الدية على المشهود (ويستوفي) القصاص أو الحد (إذا طرأ فسقهم) بعد الحكم بشهادتهم هذا مقتضى كلامهم في الانصاف والمبدع وتقدم في آخر الموانع أنه لا يستوفي حد ولا قود إذن بل المال، (وإن كان) رجوعهم عن الشهادة أو فسقهم (بعد الاستيفاء) للمحكوم به (لم يبطل الحكم) لأنه قد تم بشروطه، (ولا يلزم المشهود له شئ سواء كان المشهود به مالا أو عقوبة) لأن قول الشهود غير مقبول في نقض الحكم كما تقدم، (فإن قالوا) أي الشهود، (عمدنا عليه بالزور ليقتل أو يقطع فعليهم القصاص) في النفس
(٥٦٠)