أفضل الكسب عمل الرجل بيده وكل مبيع مبرور رواه أحمد وغيره، ومعنى مبرور، لا غش فيه ولا خيانة. وروى البخاري عن المقدام مرفوعا: ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده. (وقيل): أفضل المكاسب (التجارة) قال في الرعاية الكبرى: أفضل المعاش التجارة انتهى. ويؤيده ما سبق من حديث أحمد. وإن جعلت الكلام على معنى من أفضل فلا تعارض أو أنه يختلف باختلاف الاشخاص والأحوال. (وأفضلها) أي التجارة في (بز، وعطر، وزرع، وغرس، وماشية) لبعدها من الشبهة والكذب (وأبغضها) أي التجارة (في رقيق وصرف) للشبهة (ويسن التكسب، ومعرفة أحكامه حتى مع الكفاية التامة، قاله في الرعاية) لقوله تعالى: * (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه) *. ويرشد إليه قوله (ص): كالطير تغدو خماصا وتعود بطانا. والاخذ في الأسباب من التوكل فلا يعتقد أن الرزق من الكسب بل من الله بواسطة. (وقال) صاحب الرعاية (أيضا فيها: يباح كسب الحلال لزيادة المال والجاه، والترفه والتنعم والتوسعة على العيال، مع سلامة الدين والعرض والمروءة وبراءة الذمة) لأنه لا مفسدة فيه إذن (ويجب) التكسب (على من لا قوت له ولا لمن تلزمه مؤنته) لحفظ نفسه.
قلت: وكذا على من عليه دين واجب لأدائه (ويقدم الكسب لعياله على كل نفل) لأن الواجب مقدم على التطوع (ويكره تركه) أي التكسب (والاتكال على الناس، قال أحمد: لم أر مثل الغني عن الناس، وقال في قوم لا يعملون ويقولون: نحن متوكلون هؤلاء مبتدعة) لتعطيلهم الأسباب. وقال القاضي: الكسب الذي لا يقصد به التكاثر وإنما يقصد به التوسل إلى طاعة الله من صلة الاخوان، أو التعفف عن وجوه الناس فهو أفضل لما فيه من