مشايخنا: إن كان المعجل على عزم من قضائه يمنع، وإن لم يكن على عزم الأداء لا يمنع، لأنه لا يعده دينا، والمرء يؤاخذ بما عنده في باب الأحكام، وهذا غير صحيح.
فأما الزكاة الواجبة في النصاب أو دين الزكاة بأن أتلف مال الزكاة حتى انتقل من العين إلى الذمة، فكل ذلك يمنع وجوب الزكاة عندهما.
وقال زفر: لا يمنع كلاهما.
وقال أبو يوسف: وجوب الزكاة في النصاب يمنع، ودين الزكاة لا يمنع.
والصحيح قولهما لان زكاة السوائم مطالب بها حقيقة من جهة السلطان، عينا كان أو دينا، وزكاة التجارة مطالب بها تقديرا، لان حق الاخذ للسلطان، ولهذا كان يأخذها الامام إلى زمن عثمان، ثم فوض إلى أربابها، بإجماع الصحابة، لمصلحة رأي في ذلك، فيصير أرباب الأموال كالوكلاء عن السلطان، فلا يبطل حق السلطان عن الاخذ، ولهذا قال أصحابنا إن الامام إذا علم من أهل بلدة أنهم يتركون أداء الزكاة من الأموال الباطنة، فإنه يطالبهم بها، ولكن لو أراد الامام أن يأخذها بنفسه، من غير تهمة الترك من أربابها، ليس له ذلك، لما فيه من مخالفة إجماع الصحابة.
وأما الديون التي هي غير مطالب بها من جهة العباد، كديون الله تعالى، من النذور، والكفارات، وصدقة الفطر، ووجوب الحج، ونحوها: فلا تمنع، لأنه لا يطالب بها في الدنيا.
وهذا كله مذهب أصحابنا.
وقال الشافعي: الدين لا يمنع وجوب الزكاة، كيفما كان والمسألة معروفة.