غير أنها إذا بلغت لا بأس أن يقتسماها بالخرص قسما منفردا وان أرادا أن يقتسما الثمرة مع النخل اقتسماها ببيع من البيوع فيقوما كل سهم بأرضه وشجره وثمره ثم أخذ بهذا البيع لا بقرعة وإذا اختلف فكان نخلا وكرما فلا بأس أن يقسم إحداهما بالآخر وفيهما ثمرة لأنه ليس في تفاضل الثمرة بالثمرة تخالفها ربا في يد بيد انتهى فهذا نص في امتناع القسمة قبل بدو الصلاح وأوله يقتضي امتناع القسمة بعد بدو الصلاح أيضا لكن قوله غير أنها إذا بلغت فلا بأس أن يقتسماها بالخرص قسما منفردا يقتضي جواز قسمها بعد بدو الصلاح فليتأمل. (واعلم) أن ابن الحداد علل المنع في ذلك بامتناع القسمة كما رأيت وغلطه بعض الأصحاب في التعليل وقال ليس العلة أنه لا يصح قسمتها فان البيع لا يصح وان قلنا قسمتها صحيحة وأن القسمة إفراز وإنما لم يصح ذلك لان اشتراط القطع لا يصح فيها لان نصفها مشاعا لا يمكن قطعه قال القاضي أبو الطيب هذا الذي قاله هذا القائل ليس بصحيح والتعليل هو الذي ذكره ابن الحداد ونص الشافعي كذلك قال في الصلح لو كان الزرع بين الرجلين وصالح أحدهما على نصف الزرع لم يجز من قبل أن الزرع لا يجوز أن يقسم أخضر ولا يجبر شريكه على أن يقطع منه شيئا ومقتضى هذا الكلام من أبي الطيب أن علة ابن الحداد هي الصحيحة وأن القول بذلك مبني على امتناع القسمة وأن القائل الآخر خالفه في التعليل وعمم الحكم ثم قال القاضي أبو الطيب بعد ذلك أنه إذا قلنا تصح قسمة الثمار صح بيعه لان شرط القطع يصح فيه فيبيع نصف الثمرة أو نصف الزرع بشرط القطع لم يطالبه بالقسمة في الحال فيقاسمه ثم يقطعه (وأما) إذا قلنا لا تصح القسمة فباع نصفها بشرط قطع الجميع لم يصح لان البائع لا يجبر على قطع ما لم يبع والشرط فيه لا يصح ولا يمكن قطع المبيع منفردا لأنه مشاع وهذا الذي قاله القاضي بعد أن قرر أن العلة الصحيحة امتناع القسمة وأن المسألة مبنية عليها وهو صحيح لكن قد ثبت أن الثمار لا تصح قسمتها وكفى بهذا النص الذي في الصلح دليلا على امتناع قسمتها والله أعلم. ولم أر أحدا صرح بجواز بيعها غير القاضي في هذا الكلام الذي قاله ويشبه أن يكون تفريعا من عنده على مقتضى البناء على القسمة وما أفهمه نص الشافعي ولقائل أن يقول ليس التمسك بمفهوم ذلك على إثبات خلاف في هذه المسألة بأولى من التمسك به على امتناع القسمة والجزم بامتناع البيع ههنا وكيف ما قدر فالمنع في هذه المسألة اما
(٤٢٩)