الأجرة في مسألة الحجارة مطلقا وان اكتفينا بالتخلية والفرض أن الزرع الذي هو عيب حاصل قبل القبض فلا تجب الأجرة أيضا لأنه بالإجارة رضى بذلك فإن لم يكن له أجرة كما ورضى بالعيب لم يكن له أرش فقد تلخص أن الخلاف في وجوب الأجرة جار مطلقا اما قبل التخلية أو بعدها إذا لم يكتف بها فمأخذ الوجوب أمران (أحدهما) إلحاق البائع بالأجنبي (والثاني) أن المنافع متميزة عن المقصود فليس تفويتها بمنزلة العيب ومأخذ عدم الوجوب جعلها عيبا والحاق تعييب البائع بالآفة السماوية (وأما) بعد التخلية والاكتفاء بها فمأخذ الوجوب أن المنافع متميزة غير معقود عليها كما تقدم أو الحاق البائع بالأجنبي ومأخذ الاسقاط جعل تعييب البائع كالآفة السماوية فإذا أجاز المشترى سقط حقه من الأرش لأنه قد رضي بالعيب كذلك هنا إذا أجاز سقط حقه من الأجرة بقية المدة لان سببه متقدم قبل القبض وقد رضى به (فان قلت) مقتضى ما ذكرت أن يكون الصحيح عدم وجوب الأجرة لان الأصح عند الأكثرين أن جناية البائع كالآفة السماوية وقد جزم الرافعي بأن استعمال البائع المبيع يخرج على جنايته إن جعلناها كالآفة السماوية لم تجب والا وجبت فيخرج من ذلك أن الأصح في مسألتنا أنه لا يجب الأجرة لا في مسألة الزرع ولا في مسألة الحجارة لكن قد تقدم في مسألة الحجارة أن الأصح وجوبها بعد القبض وعدم وجوبها قبله وقد تقدم عن الغزالي والجرجاني أنه الأصح عندهما في مسألتنا أيضا (قلت) أما الغزالي فان الأصح عنده أن جناية البائع كالأجنبي فلا يرد عليه تصحيحه هنا الوجوب فان ذلك موافق وقد قدمنا عن الأكثرين في مسألتنا أن الأصح عدم الوجوب وكذلك تقدم عن الشيخ أبي محمد في مسألة الحجارة (وأما) ما تقدم عن الأكثرين في مسألة الحجارة من تصحيح الوجوب بعد القبض دون ما قبله فالفرق بينها وبين مسألتنا هذه أنه هنا إذا رضى بالزرع يلزمه إبقاؤه إلى أوان الحصاد فالرضا بالزرع رضا بالابقاء الذي هو من لوازمه وكذلك لا تجب الأجرة (وأما) الحجارة فإنه إذا رضى بها لا يلزمه إبقاؤها بل يجبر البائع على قلعها لكن لك أن تقول ان مدة القلع أيضا قد رضى بها كما أن مدة قلع الزرع عند أوانه داخلة تحت رضاه وإن كان القلع في ذلك الوقت واجبا فكان ينبغي أن لا تحب لها أجرة إلا إذا زاد وأخر البائع فحينئذ تجب والله أعلم. (تنبيه) ما حكيته في مأخذ وجوب الأجرة من أن المنافع متميزة
(٣٩٦)