نسلم أن العرية كانت تطلق على ذلك لان الاشتقاق حاصل فيها وهو كونها مفردة وأكثر ما كان يقع الافراد بذلك السبب ولذلك جاءت الرخصة لأصحاب العرايا على ما هو الغالب ولكنه لم يقل أن يبيعها من معريها بل أطلق فيبقى على اطلاقه وله ان يبيعها ممن شاء ولهذا في حديث سهل بن أبي حثمة الذي في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رخص في بيع العرية النخلة والنخلتين يأخذها أهل البيت بخرصها تمرا يأكلونها رطبا فقوله أهل البيت مطلق وليس في شئ من الأحاديث الواردة في ذلك أن ذلك يختص ببيعها من المعرى فيتعين أن يكون جواز البيع مطلقا من كل أحد ولا يضرنا أن نسلم أن أصحاب العرايا هم الذين وهبت له النخلات وردت الرخصة لهم في البيع (فأن قلت) فعلى هذا لا تكون الرخصة للبائع والظاهر من حديث زيد وغيره أن الرخصة للمشترى الذي لا نقد بيده رخص له أن يشترى الرطب لحاجته إليه بالتمر (قلت) الرخصة لكل منهما رخص للمشترى أن يشترى كذلك ورخص للبائع أن يبيع لأنه كان ممنوعا قبل ذلك من بيع الرطب بالتمر وسبب الرخصة في حقه أمران (أحدهما) حاجة المشترى إليه وهو الذي لا رطب عنده أعني الذي تقتضي العادة أنه يطلب شراء الرطب ويرشد إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (يأكلونها رطبا) (والثاني) أن أصحاب العرايا هم المساكين الذين وهبت منهم وظاهر حالهم الحاجة وقد لا تصبر النفس على أكل الرطب دائما وتطلب التمر الذي هو القوت المعتاد عندهم ولا كذلك أصحاب النخيل الذين ليسوا من المساكين فأنهم مستغنون عن البيع في الحال جملة وظاهر حالهم الغنى عن شراء الرطب والتمر معا فلذلك والله أعلم وردت الرخصة في حق أصحاب العرايا لأنهم مظنة البيع لا لان فيهم
(١٩)