(الشرح) الحائط وهو البستان من النخيل (1) (أما) الأحكام ففي هذه الجملة مسألتان (الأولى) إذا باع حائطا أبر بعضه دون بعض جعل الجميع كالمؤبر وجعل ما لم يؤبر تابعا لما أبر (أما) إذا كان نوعا واحدا فاتفق عليه الأصحاب تبعا للشافعي رضي الله عنه واستدلوا هم وغيرهم لذلك بأن تأبير البعض يحصل للنخل اسم التأبير فيشمله قوله صلى الله عليه وسلم (من باع نخلا قد أبرت) قال ابن عبد البر وأصل الإبار أن يكون في شئ منه الإبار فيقع عليه اسم أنه قد أبر كما لو بدا صلاح شئ منه وفيما ذكروه من إطلاق اسم التأبير على الجميع بتأبير بعضها توقف لا يخفى لا سيما على ما يقوله أصحابنا أنه يكفي تأبير نخلة واحدة في البستان بل طلعة واحدة ويصير الباقي تبعا فدعوى إطلاق التأبير على الجميع حقيقة في غاية البعد وقد وقع في كلام ابن حزم ما يقتضي أن لفظ الحديث وفيها ثمرة قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع وهذا لو ثبت كان صريحا في المطلوب لكني لم أجده في شئ من ألفاظ الحديث التي وقفت عليها وإنما فيها كلها جعل التأبير صفة للنخل المبيعة وحقيقة ذلك أن يكون في الجميع واللفظ الذي ذكره ابن حزم لم يذكره باسناد بل أتى به في ضمن استدلال فلعله لم يتثبت فيه نعم لا يشترط أن يوجد التأبير في كل طلع النخلة بل متى وجد في شئ منها صح أنها أبرت فيكون جميع ثمرتها للبائع وإن كان بعضها غير مؤبرة استدلالا بالحديث ويعضد الأصحاب وغيرهم فيما اتفقوا عليه من الاكتفاء بتأبير البعض أن العادة لم تجر بتأبير جميع النخل بل يكتفون بتأبير بعضها واستدل أبو إسحاق المروزي لذلك بما ذكره المصنف وزاده المصنف بالاستشهاد بأساس الدار وهو جواب عن سؤال مقدر أورده الشيخ أبو حامد والماوردي وغيرهما وأجابوا عنه وهو أنه هل لاجعل ما أبر تابعا لما لم يؤبر في دخوله في البيع وأجابوا بأنه استقر في الشرع أن الباطن تبع للظاهر وليس الظاهر تبعا للباطن فان ما بطن من أساس الحائط ورؤس الأجذاع تبع لما ظهر في جواز البيع وأيضا فإنه كان يلزم منه مخالفة منطوق الحديث ولك أن تقول على الأول ان الحكم بتبعية الأساس أمر ضروري لصحة البيع ولا كذلك الثمار ألا ترى أنه لو شرط أن تكون المؤبرة للبائع وغير المؤبرة للمشتري اتبع شرطه فإنها لو كانت كلها مؤبرة
(٣٥٨)