يعتبر من رأس المال، وبه قال داود (1).
وأما المكاتبة فهي أن يشترط المالك على عبده تأدية شئ معلوم يعتق بالخروج منه إليه، وهي بيع العبد من نفسه، وقد بينا في باب البيع أيضا أنها على ضربين: مشروطة وغير مشروطة، وإذا أدى المكاتب [191 / أ] من غير شرط شيئا من مال الكتابة، عتق عنه بحسابه (2).
المشروطة هي أن يقول كاتبتك على كذا وكذا، فمتى أديت مال الكتابة فأنت حر، وإن عجزت عن الأداء فأنت رد في الرق. فهذا الضرب متى أدى بعض مال الكتابة لا ينعتق منه شئ إلى أن يؤدي جميع ما عليه، ولو بقي درهم، فإذا وفاه انعتق، وإن عجز دون الوفاء فهو رد في الرق.
والمطلقة أن يقول: كاتبتك على كذا فإذا أديت جميعه فأنت حر، ولم يقل فإن عجزت فأنت رد في الرق، فإذا كان كذلك فمتى أدى منها شيئا انعتق بحساب ما يؤديه ويبقى رقا بمقدار ما بقي عليه.
وقال الشافعي: إن أدى جميع ما عليه عتق، وإن أدى البعض لم يعتق منه شئ حتى يؤدي جميع ما عليه. وبه قال مالك وأبو حنيفة وأصحابه.
وعن علي (عليه السلام) روايتان: إحداهما: إذا أدى نصف ما عليه عتق كله وطولب بالباقي بعد عتقه. والثانية: يعتق منه بقدر ما أدى بالحصة، وهذا هو الذي يرويه أصحابنا عنه (عليه السلام) (3).
ويدل عليه أن الرقبة جعلت بإزاء المال، فيجب أن يتحرر من الرقبة بمقدار ما يؤدي من المال (4).
الكتابة لازمة من جهة السيد، جائزة من جهة العبد، ومعناه: أن له الامتناع من أداء ما عليه وتعجيزه، فإذا امتنع منه كان سيده بالخيار بين البقاء على العقد وبين الفسخ وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة ومالك: لازم من الطرفين معا، فإن كان له مال [أجبرناه على الأداء ليعتق، وإن لم يكن معه مال] فعند مالك يجبر على الكسب وعند أبي حنيفة لا يجبر عليه (5)