وأما الخلع فيكون مع كراهة الزوجة خاصة دون الرجل، وهو مخير في فراقها إذا دعته الزوجة إليه حتى تقول له: إن لم تفعل لأعصين الله بترك طاعتك، ولأوطئن فراشك غيرك، أو يعلم منها العصيان في شئ من ذلك، فيجب عليه - والحال هذه - طلاقها.
ويحل له أخذ العوض على ذلك - سواء بذلته ابتداء، أو بعد طلبه منها، وسواء كان مثل المهر الذي دفعه إليها أو أكثر. (1) وإذا كانت الحال بين الزوجين عامرة والأخلاق ملتئمة واتفقا على الخلع، فبذلت له شيئا [178 / ب] على طلاقها لم يحل له ذلك لإجماع الإمامية على أنه لا يجوز خلعها إلا بعد أن يسمع منها شيئا مما ذكرناه وهو مفقودها هنا فيجب أن لا يجوز الخلع، وبه قال عطاء والزهري والنخعي وداود.
وقال أبو حنيفة والشافعي: أن ذلك مباح لنا قوله تعالى: {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله} (2) فحرم الأخذ منها إلا عند الخوف من ترك إقامة الحدود، ثم قال: {فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به} فدل ذلك على أنه متى ارتفع هذا الخوف حصل الجناح. (3) ولا يصح الخلع إلا في طهر لم يقربها فيه بجماع، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
لنا أنه لا خلاف في صحته مع اعتبار ما ذكرناه فلا بد في صحته على ما ذكروه من دليل، ولا دليل. (4) ولا يقع الخلع بمجرده، بل لا بد معه من التلفظ بالطلاق، فيقول مريده: قد خلعتك على كذا وكذا فأنت طالق، وفي أصحابنا من قال: لا يحتاج إلى ذلك، بل نفس الخلع كاف (5)، وبه قال جميع الفقهاء. لنا أنه لا خلاف بين الأمة في حصول الفرقة بما ذكرناه، وليس على حصولها بمجرد لفظ الخلع دليل. (6) والذين قالوا أن الخلع كاف فقد اختلفوا فمنهم من قال: إنه فسخ وليس بطلاق قال:
لأنه لا دليل على كونه طلاقا، ويدل عليه قوله تعالى: {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو