به قال أبو حنيفة وأو يوسف ومحمد، وقال الشافعي وزفر: يقع الطلاق (1).
كل طلاق لم يحضره شاهدان عدلان مسلمان - وإن تكاملت سائر شروطه - فإنه لا يقع، خلافا لجميع الفقهاء فإنه لم يعتبر أحد منهم الشهادة (2).
لنا قوله تعالى: {فطلقوهن لعدتهن} إلى قوله: {وأشهدوا ذوي عدل منكم} (3) لأن ظاهرا الأمر في الشرع يقتضي الوجوب، وهذا يوجب عود ذلك إلى الطلاق، لأنه لا يليق إلا به دون الرجعة التي يعبر عنها بالإمساك، لأنه لا خلاف في أن الإشهاد عليها غير واجب، كما وجب عود التسبيح إليه تعالى مع بعد ما بينهما في اللفظ في قوله: {إنا أرسلناك شاهدا و مبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه} (4) من حيث لم يلق إلا به.
وحمل الأمر بالإشهاد على الاستحباب ليعود إلى الرجعة عدول عن الظاهر في عرف الشرع بغير دليل، ولا يجوز أن يكون الأمر بالإشهاد متعلقا بقوله: {أو فارقوهن بمعروف} (5) لأن المراد بذلك هاهنا ترك المراجعة والاستمرار على موجب الطلاق، وليس بشئ يتجدد فعله فيفتقر إلى إشهاد (6).
وإذا طلقها وهي حائض حاضرا في بلده لم يقع طلاقها خلافا لجميع الفقهاء (7).
لنا أنه لا خلاف في أن الطلاق في الحيض بدعة ومعصية وقد فسر العلماء قوله:
{فطلقوهن لعدتهن} بالطهر الذي لا جماع فيه، وإذا ثبت أنه بدعة مخالف لما أمر الله تعالى به لم يقع ولم يتعلق به حكم شرعي. ويدل على ما قلناه أيضا ما رووه من أن ابن عمر طلق زوجته ثلاثا بلفظ واحد، وهي حائض، فسأل عمر النبي (صلى الله عليه وآله) عن ذلك، فردها عليه ولم يره شيئا، وظاهر ذلك نفي التأثيرات كلها، والتخصيص ببعضها يفتقر إلى دليل، وما رووه من طريق آخر من قوله (صلى الله عليه وآله) لعمر: مره فليراجعها ثم ليدعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم ليطلقها إن شاء، وظاهر الأمر [175 / ب] على الوجوب.
وإذا أوجب المراجعة دل ذلك على أن الطلاق لم يقع، والمراد بالمراجعة على هذا ردها