لنا أن العود شرط في وجوب الكفارة ظاهر القرآن، ولأنه لا خلاف أن المظاهر لو طلق قبل الوطء ء لم يلزمه الكفارة، وهذا يدل على أن الكفارة لا تجب بنفس الظهار، فيدل على أن العود ما ذكرناه، أن الظهار [172 / أ] إذا اقتضى التحريم، وأراد المظاهر الاستباحة، وآثر رفعه، كان عائدا لما قال، ومعنى قوله: {ثم يعودون لما قالوا} (1) أي المقول فيه، كقوله سبحانه: {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} (2) أي الموقن به، وكقوله (عليه السلام) الراجع في هبته (رحمه الله) أي الموهوب، وكما يقال اللهم أنت رجاؤنا أي مرجونا.
ولا يجوز أن يكون المراد بالعود الوطء ء على ما ذهب إليه قوم، لأن قوله تعالى: {فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا} أوجب الكفارة بعد العود وقبل الوطء ء، فدل أنه غيره.
ولا يجوز أن يكون العود إمساكها بعد الظهار زوجة، مع القدرة على الطلاق، على ما قاله الشافعي، لأن العود يجب أن يكون رجوعا إلى ما يخالف مقتضى الظهار، وإذا لم يقتض فسخ النكاح لم يكن العود الإمساك عليه، ولأنه تعالى قال: {ثم يعودون لما قالوا} وذلك يقتضي التراخي، والقول بأن العود هو البقاء على النكاح قول بحصول العود عقيب الظهار من غير فصل، وهو خلاف الظاهر.
وإذا جامع المظاهر قبل التكفير فعليه كفارتان إحداهما كفارة العود والأخرى عقوبة الوطء ء قبل التكفير، دليله إجماع الإمامية واليقين لبراءة الذمة (3)، وقال الشافعي: إذا وطئ قبل الكفارة لا يلزمه بهذا الوطء ء كفارة، وعليه كفارة الظهار التي كانت عليه (4) وإن استمر المظاهر على التحريم فزوجة الدوام - وإن كانت أمة - بالخيار بين الصبر على ذلك وبين المرافعة إلى الحاكم، وعلى الحاكم أن يخيره بين التكفير واستباحة الجماع، و بين الطلاق، فإن لم يجب إلى شئ من ذلك، أنظره ثلاثة أشهر فإن فاء إلى أمر الله في ذلك، وإلا فضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يفئ، ولا يلزمه الطلاق إلا إذا كان قادرا على الكفارة و أقام على التحريم مضارة (5).
وقال مالك: يصير موليا بعد أربعة أشهر. وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يلزمه شئ من ذلك، ولا يصير موليا، وبه قال الثوري. (6).