أصحاب النار وأصحاب الجنة} (1) لأنه تعالى نفى بالظاهر التساوي في جميع الأحكام التي من جملتها المناكحة.
وقوله تعالى: {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} (2) نخصه بنكاح المتعة، فإنه جائز عندنا على الكتابيات، أو نحمله على ما إذا كن مسلمات، بدليل ما قدمناه، و لا يمتنع أن يكون من جهة الشرع قبل ورود هذا البيان فرق بين من آمنت بعد كفر، وبين من لم تكفر أصلا، فيكون في البيان لإباحة نكاح الجميع فائدة.
وليس لأحد مع جواز هذا أن يقول: قد أغنى عما اشترطتموه من إسلام الكتابيات قوله تعالى: {والمحصنات من المؤمنات}.
فإن قالوا: لستم بتخصيص هذه الآية بما ذكرتموه، لتسلم لكم ظواهر آياتكم بأولى منا إذا خصصنا ظواهر آياتكم بالمرتدات والحربيات، ليسلم لنا ظاهر الآية التي نستدل بها.
قلنا: غير مسلم لكم التساوي في ذلك، بل نحن أولى بالتخصيص منكم، لأنكم تعدلون عن ظواهر كثيرة ونحن نعدل عن ظاهر واحد، فإذا كان العدول عن الحقيقة إلى المجاز إنما يفعل للضرورة، فقليله أولى من كثيره. بلا شبهة (3).
أنكحة المشركين صحيحة. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وغيرهم.
وقال مالك: أنكحتهم فاسدة، وكذلك طلاقهم غير واقع. فلو طلق المسلم زوجته الكتابية، ثم تزوجت بمشرك ودخل بها، لم تحل لزوجها المسلم (4).
وأما أقسام النكاح المباح فثلاثة: نكاح غبطة ونكاح متعة، ونكاح بملك يمين.
ونكاح المستدام سنة بلا خلاف إلا من داود، فإنه قال: واجب.
يدل على ما قلناه قوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء} إلى قوله:
{فواحدة أو ما ملكت أيمانكم} (5) لأنه تعالى علق ذلك باستطابتها وما كان كذلك فليس بواجب، ولأنه خير بينه وبين ملك اليمين، والتخيير لا يكون بين واجب ومباح، ولأن ذلك يقتضي جواز الاقتصار على ملك اليمين، والمخالف لا يجيزه، ويدل على ذلك أيضا {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات} إلى قوله: {وأن تصبروا خير