وقال قوم من أصحابنا: ليس لوليها إجبارها على النكاح كالثيب الكبيرة. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، فاعتبر أبو حنيفة الصغر والكبر والشافعي الثيبوبة والبكارة (1).
الثيب إذا كانت صغيرة قد ذهبت بكارتها - بزوج أو بغيره - قبل البلوغ، جاز لأبيها العقد عليها، ولجدها مثل ذلك قبل البلوغ، وحكمها حكم البكر الصغيرة، وبه قال أبو حنيفة.
وقال الشافعي: ليس لأحد إجبارها على النكاح، وينتظر بها البلوغ ثم تزوج بإذنها (2).
ولا ولاية لغير الأب والجد مع الأب على الصغيرة عندنا خلافا للفقهاء (3)، يدل على ما قلنا ما رووه من قوله (عليه السلام) لقدامة بن مظعون (4) [160 / ب] وقد زوج ابنة أخيه: إنها يتيمة وإنها لا تنكح إلا بإذنها، ولا يجوز أن يقال: سماها يتيمة إن كانت بالغا، لقرب عهدها باليتم لأن ذلك رجوع عن الظاهر في الشرع بغير دليل، لأنه لا يتم بعد الحلم، على ما ورد في الخبر.
فإن عقدا بغير إذنها، فأبت العقد، لم ينفسخ عند من قال من أصحابنا: لهما إجبارها على النكاح، وعند من قال ليس لهما ذلك ينفسخ، وطريقة الاحتياط يقتضي اعتبار رضاها في صحة العقد، لأنه لا خلاف في صحته إذا رضيت، وليس كذلك إذا لم ترض، وعلى هذا، النكاح يقف على الإجازة، سواء كانت من الزوج أو الولي أو المنكوحة لما رووه من أن امرأة بكرا أتت النبي (صلى الله عليه وآله)، فقالت: إن أبي زوجني وأنا كارهة، فخيرها النبي (صلى الله عليه وآله) وهذا يدل على أن النكاح يقف على الفسخ والإجازة (5).
وقال الشيخ في الخلاف: النكاح لا يقف على الإجازة، مثل أن يزوج رجل بنت غيره و هي بالغ من رجل فقبل الرجل لم يقف العقد على إجازة الولي ولا إجازتها، وكذلك لو زوج بنته الثيب الكبيرة الرشيدة لم يقف على إجازتها وكان باطلا بدلالة أن العقود الشرعية تحتاج إلى أدلة شرعية، ولا دليل على أن هذا العقد واقف على الإجازة فوجب القضاء بفسادها، وبه قال الشافعي وأحمد.