خيار بلا خلاف، بين أصحابنا، وتزويج البكر البالغ من غير إذنها، على خلاف بينهم في ذلك - مختصة بأبيها وجدها له في حياته، فإن لم يكن الأب حيا فلا ولاية للجد (1)، خلافا للشافعي فإن عنده ولاية الجد مع عدم الأب، ولا ولاية له مع وجوده. (2) ومن يختاره الجد أولى ممن اختاره الأب، وليس لأحدهما فسخ العقد الذي سبق الآخر إليه، وإن كان بغير إذنه، والأولى بالأب استئذان الجد (3) [160 / أ].
إذا بلغت الحرة رشيدة ملكت العقد على نفسها، وزالت ولاية الأب عنها وولاية الجد، إلا إذا كانت بكرا، فإن الظاهر من روايات أصحابنا أنه لا يجوز لها ذلك. وفي أصحابنا من قال: البكر أيضا تزول ولايتهما عنها.
فأما غير الأب والجد فلا ولاية لأحد عليها، سواء كانت بكرا أو ثيبا، غير أن الأفضل لها أن ترد أمرها إلى أخيها وابن أخيها أو عمها وابن عمها.
وقال الشافعي: إذا بلغت الحرة رشيدة ملكت كل عقد إلا النكاح، فإنها متى أرادت أن تتزوج افتقر نكاحها إلى الولي، وهو شرط لا ينعقد النكاح إلا به سواء كانت صغيرة أو كبيرة، بكرا أو ثيبا، فإن كان لها ولي مناسب مثل الأب أو الجد أو الأخ أو ابن الأخ أو العم أو ابن العم فهو أولى، وإن لم يكن فالحاكم، ويملك الولي أن يزوجها بنفسه، وأن يوكل من يزوجها من الرجال، فإن أذن لها أن تعقد على نفسها لم يجز، ولا أن يوكل غيرها من النساء، و على الجملة لا ولاية للنساء في مباشرة عقد النكاح ولا وكالة. وبه قال ابن مسعود وابن عباس ورووه عن علي (عليه السلام) وفي الفقهاء ابن [أبي] ليلى، وأحمد.
وقال أبو حنيفة: إذا بلغت المرأة رشيدة فقد زالت ولاية الولي عنها، كما زالت عن مالها، [و] لا يفتقر نكاحها إلى إذنه، بل لها أن تتزوج وتعقد على نفسها. إلا أنها إن وضعت نفسها في غير كفو كان للولي أن يفسخ نكاحها.
وقال مالك: إن كانت عربية ونسيبة فنكاحها يفتقر إلى الولي وإلا فلا (4).
البكر إذا كانت كبيرة فالظاهر في روايات أصحابنا أن للأب أو الجد أن يجبرها على النكاح، ويستحب له أن يستأذنها، وإذنها صماتها، وبه قال مالك والشافعي وأحمد.