فإن أعوز المثل أخذ القيمة، وإن لم يقبض بعد الإعواز حتى مضت مدة اختلفت القيمة فيها، كان له المطالبة بالقيمة حين القبض لا حين الإعواز (1) وإن كان قد حكم بها الحاكم حين الإعواز - وبه قال أبو حنيفة والشافعي. وقال محمد وزفر: عليه قيمة يوم الإعواز.
لنا أن الذي ثبت في ذمته هو المثل بدليل أنه متى زال الإعواز قبل القبض طولب بالمثل، وحكم الحاكم بالقيمة لا ينقل المثل إليها، فإذا كان الواجب المثل اعتبر بذل مثله حين قبض البدل، ولم ينظر إلى اختلاف القيمة بعد الإعواز ولا قبله (2).
وإن غصب ما لا مثل له - ومعناه لا يتساوى قيمة أجزائه كالثياب والرقيق والخشب والحطب والحديد والرصاص [126 / أ] والعقار وغير ذلك من الأواني وغيرها - وجب أيضا رده بعينه، فإن تعذر ذلك بتلفه وجب قيمته (3)، وبه قال جميع الفقهاء، وقال عبيد الله بن الحسن العنبري البصري (4): يضمن كل هذا بالمثل.
لنا أنه لا يمكن الرجوع فيه إلى المثل، لأنه إن ساواه في القدر خالفه في الثقل، وإن ساواه فيهما خالفه من وجه آخر وهو القيمة، فإذا تعذرت المثلية كان الاعتبار بالقيمة، وما رواه ابن عمر أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: من أعتق شقصا له من عبد قوم عليه، فأوجب عليه الضمان بالقيمة دون المثل (5).
ويضمن الغاصب ما يفوت من زيادة قيمة المغصوب فوات الزيادة الحادثة فيه لا بفعله، كالسمن والولد وتعلم الصنعة والقرآن سواء كان رد المغصوب أو مات في يده (6) وفاقا للشافعي. وقال أبو حنيفة: لا يضمن شيئا من هذا أصلا، ويكون ما حدث في يده أمانة، فإن تلف بغير تفريط فلا ضمان، وإن فرط في ذلك فعليه ضمانه (7).
لنا أن ذلك حادث في ملك المغصوب منه، لأنه لم يزل بالغصب، وإذا كان كذلك فهو مضمون على الغاصب، لأنه حال بينه وبينه (8).
وأما زيادة القيمة لارتفاع السوق، فغير مضمون مع الرد، لأن الأصل براءة الذمة،