ويصح إقرار المريض للوارث وغيره، وهو أحد قولي الشافعي: والقول الآخر أنه لا يصح. وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد، وقال أبو إسحاق المروزي: يصح إقراره.
لنا بعد إجماع الإمامية أنه لا دليل على بطلانه ومن منع صحته فعليه الدليل، وأيضا قوله تعالى: {وكونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم} (1) والشهادة على النفس هي الإقرار ولم يفصل وعلى من ادعى التخصيص الدليل.
ويصح الإقرار المبهم مثل أن يقول: لفلان علي شئ، ولا تصح الدعوى المبهمة، لأنا إذا رددنا الدعوى المبهمة، كان للمدعي ما يدعوه إلى تصحيحها وليس كذلك الإقرار، لأنا إذا رددناه لا نأمن أن لا يقر ثانيا.
والمرجع في تفسير المبهم إلى المقر، ويقبل تفسيره بأقل ما يتمول في العادة، وإن لم يفسر جعلناه ناكلا، ورددنا اليمين على المقر له ليحلف على ما يقول ويأخذه، فإن لم يحلف فلا حق له.
وإذا قال: له علي مال عظيم، أو جليل، أو نفيس، أو خطير، لم يقدر ذلك بشئ، ويرجع في تفسيره إلى المقر، ويقبل تفسيره بالقليل والكثير (2) وفاقا (3) للشافعي واختلف أصحاب أبي حنيفة فيه، فمنه ما في البداية أنه لا يصدق في أقل من مأ [تي] درهم. ومنهم من قال: لا يقبل بأقل من عشرة دراهم وهي مقدار نصاب القطع عندهم. ومنهم من قال: لا يقبل أقل من مأتي درهم، مقدار نصاب الزكاة (4)، وقال أبو عبد الله الجرجاني: نص أبو حنيفة على ذلك، وقال:
إذا أقر بأموال عظيمة يلزمه ستمائة درهم (5).
لنا أنه لا دليل على مقدار معين والأصل براءة الذمة وما يفسر به مقطوع عليه، فوجب الرجوع إليه، ويحتمل أن يكون أراد به أنه عظيم من جهة المظلمة عند الله، وأنه نفيس جليل عند الضرورة إليه وإن كان قليل المقدار، وإذا احتمل ذلك وجب أن يرجع إليه في تفسيره، وقوله (عليه السلام): لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه، يقتضي أن لا يؤخذ منه أكثر مما يفسر به.
وإذا قال: له علي مال كثير، كان إقرارا بثمانين (6) وفي البداية لا يصدق في أقل من عشرة (7) وفي الخلاصة يقبل منه إذا فسر بثلاثة وبه قال مالك لنا بعد إجماع الإمامية، الرواية