الشركة في جنسه، وهو الدراهم والدنانير، فإن كان أحدهما أكثر لم تصح. وأما موجباتها فهي أن يشارك كل واحد منهما صاحبه فيما يكتسبه، قل ذلك أم كثر، وفيما يلزمه من غرامات بغصب وكفالة بمال.
لنا أن هذه الشركة لا دلالة على صحتها في الشرع فتكون غير صحيحة (1).
ولا [تصح] شركة الأبدان وهي الاشتراك في أجرة العمل (2) مثل أن يشترك الصانعان على أن ما يرتفع لهما من كسبهما فهو بينما على حسب شرطهما، سواء كانا مختلفي الصنعة، كالنجار والخباز، أو متفقي الصنعة كالنجارين، وفاقا للشافعي. وقال أبو حنيفة: يجوز مع اتفاق الصنعة واختلافهما، ولا يجوز في الاحتطاب والاحتشاش والاصطياد. وقال مالك:
يجوز مع اتفاق الصنعة [118 / ب] لامع اختلافها، وقال أحمد: يجوز في جميع ذلك (3).
ولا [تصح] شركة الوجوه وهي أن يشتركا على أن يتصرف كل واحد منهما بجاهه لا برأس ماله، على أن يكون ما يحصل بينهما من فائدة تكون بينهما (4) وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: تصح فإذا عقداها كان ما يرتفع لهما على حسب ما شرطا.
لنا على بطلان هذه الشركة أنه لا دلالة في الشرع عليه والعقود الشرعية تحتاج إلى أدلة شرعية (5).
ويدل على فساد هذه الشركة أيضا أنه (عليه السلام) نهى عن الغرر وهو حاصل فيها، لأن كل واحد من الشريكين لا يعلم أيكسب الآخر شيئا أم لا، ولا يعلم مقدار ما يكسبه، ويدخل في شركة المفاوضة أن يشاركه فيما يلزمه بعدوان وغصب وضمان، وذلك غرر عظيم (6).
وإذا انعقدت الشركة اقتضت أن يكون لكل واحد من الشريكين من الربح بمقدار رأس ماله، وعليه من الوضيعة بحسب ذلك، فإن اشترطا تفاضلا في الربح، أو الوضيعة مع التساوي في رأس المال، أو تساويا في ذلك مع التفاضل في رأس المال، لم يلزم الشرط، وكذا إن جعل أحد الشريكين للآخر فضلا في الربح بإزاء عمله لم يلزم ذلك، وكان للعامل أجرة مثله ومن الربح بحسب رأس ماله، ويصح كل من ذلك بالتراضي، ويحل تناول الزيادة بالإباحة دون عقد الشركة، ويجوز الرجوع بها لمبيحها مع بقاء عينها، لأن الأصل جواز ذلك والمنع يفتقر إلى دليل.