وقال أبو حنيفة: للوكيل المطالبة دون الموكل.
لنا أنه قد ثبت أن الثمن للموكل دون الوكيل، ويدخل في ملكه في مقابلة المبيع، فينبغي أن يكون له المطالبة به (1).
إذا قال: إن قدم الحاج، أو جاء رأس الشهر، فقد وكلتك في البيع، لا يصح لأنه لا دلالة على صحته. وفاقا للشافعي وخلافا لأبي حنيفة (2).
وإذا وكل صبيا في بيع أو شراء، لم يصح. ولا يصح تصرفه إن تصرف. وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة يصح توكيله، وإذا تصرف صح تصرفه إذا كان يعقل ما يقول، ولا يفتقر ذلك إلى إذن وليه (3).
لا يصح إبراء الوكيل من دون الموكل، من الثمن الذي على المشتري. وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة: يصح إبراء الوكيل بغير إذن موكله.
لنا أن الإبراء تابع للملك، والوكيل لا يملك الثمن لأنه لا يملك هبته بلا خلاف، فلا يصح منه الإبراء (4).
إذا وكل رجلا في تثبيت حد القذف، أو القصاص عند الحاكم، وإقامة البينة عليه، فالتوكيل صحيح، بدلالة عموم الأخبار في جواز التوكيل وبه قال جميع الفقهاء إلا أبا يوسف، فإنه قال: لا يصح التوكيل في تثبيت الحد بحال (5).
يصح التوكيل في استيفاء الحدود التي للآدميين وإن لم يحضر الموكل لأن الأصل جوازه ولا مانع منه.
ولأصحاب الشافعي ثلاث طرق: فذهب أبو إسحاق المروزي، إلى أن الصحيح ما ذكره في كتاب الجنايات من أن التوكيل يصح مع غيبة الموكل. ومنهم من قال: الصحيح أنه يعتبر حضور الموكل. ومنهم من يقول بقولين.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز استيفاؤها مع غيبة الموكل.
واستدل من اعتبر حضور الموكل بقوله (عليه السلام): ادرؤوا الحدود بالشبهات، قال: وفي هذا الحد شبهة لأنه لا يدري الوكيل هل عفى عن هذا القصاص الموكل أو لم يعف (6).