وإذا باع من له التصرف في الشركة، وأقر على شريكه الآخر بقبض الثمن - مع دعوى المشتري ذلك وهو جاحد - لم يبرأ المشتري من شئ منه، أما ما يخص البايع فلأنه ما اعترف بتسليمه إليه ولا إلى من وكله على قبضه، فلا يبرأ منه، وأما ما يخص الذي لم يبع، فلأنه منكر لقبضه، وإقرار شريكه البائع عليه لا يقبل (1)، لأنه وكيله، وإقرار الوكيل على الموكل بقبض الحق الذي وكله في استيفائه، لا يقبل وبه قال الشافعي غير أن له في إقرار الوكيل على موكله بقبض ما وكل فيه قولين: أحدهما: لا يقبل مثل ما قلناه. والثاني: يقبل وبه قال أبو حنيفة (2).
ولو أقر الذي لم يبع، ولا أذن له في التصرف، أن البايع قبض الثمن، برئ المشتري من نصيب المقر بلا خلاف.
وتكره شركة المسلم للكافر بلا خلاف إلا من الحسن البصري، فإنه قال: إن كان المسلم هو المنفرد للتصرف لم تكره (3).
وعند الحنفية لا تجوز الشركة بين الحر والمملوك ولا بين الصبي والبالغ ولا بين المسلم والكافر (4) كما ذكرنا قبل.
إذا عقدا شركة فاسدة، إما بأن يتفاضل المالان ويتساوى الربح، أو يتساوى المالان ويتفاضل الربح، وتصرفا، وارتفع الربح، ثم تفاضلا، كان الربح بينهما على قدر المالين، ويرجع كل واحد منهما على صاحبه بأجرة مثل عمله، بعد إسقاط القدر الذي يقابل عمله في ماله، وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: لا يرجع واحد منهما على صاحبه بأجرة عمله، لأن هذه الأجرة لم تثبت في الشركة الصحيحة، وكذلك في الفاسدة.
لنا أن كل واحد منهما قد شرط [119 / ب] في مقابلة عمله جزءا من الربح، ولم يسلم له لفساد العقد، وقد تعذر عليه الرجوع إلى المبدل، فكان له الرجوع إلى قيمته، كما لو باع منه سلعة بيعا فاسدا وتلفت في يد المشتري رجع عليه بقيمتها، لأن المسمى لم يسلم له، وقد تعذر عليه الرجوع في السلعة بتلفها فكان له الرجوع في قيمتها، ويفارق ذلك الشركة الصحيحة، لأن المسمى قد سلم له فيها، وفي الفاسدة لم يسلم له المسمى وقد تعذر عليه الرجوع إلى المبدل فيرجع إلى عوض المثل (5)