أجازه النبي (عليه السلام) ولم يحصل رضاه لموته، ولا سألهما عن معرفته ولا معرفة صاحب الدين، فدل على أن ذلك ليس من شرط صحة الضمان (1).
وإذا صح الضمان انتقل الحق إلى ذمة الضامن، وبرئ المضمون عنه منه ومن المطالبة به (2)، وهو مذهب أبي ثور، وابن أبي ليلى وداود. وقال الشافعي وباقي الفقهاء: إن المضمون له مخير في أن يطالب أيهما شاء، والضمان لا ينقل الدين من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن.
لنا بعد إجماع الإمامية، قول النبي (عليه السلام): لعلي لما ضمن الدرهمين عن الميت: جزاك الله عن الإسلام خيرا، وفك رهانك كما فككت رهان أخيك [117 / ب] وقال لأبي قتادة لما ضمن الدينارين: هما عليك والميت برئ منهما؟ قال: نعم، فدل على أن المضمون عنه يبرأ بالضمان عنه (3).
ولا يرجع الضامن على المضمون عنه بما ضمنه إذا ضمن بغير إذنه وأدى بغير إذنه، وبه قال الشافعي. وقال مالك وأحمد: يرجع به إليه.
لنا الخبر المذكور في ضمان علي وأبي قتادة (4).
فإن كان أذن له في الضمان رجع سواء أذن في الأداء أو لم يأذن لأنا قد بينا أنه ينقل المال إلى ذمته بنفس الضمان فلا اعتبار باستئذانه في القضاء (5) وبه قال أبو علي بن أبي هريرة والطبري من أصحاب الشافعي، وقال أبو إسحاق: إن أدى عنه مع إمكان الوصول إليه واستئذانه لم يرجع وإن أدى مع تعذر ذلك رجع (6).
ويصح ضمان الدين عن الميت المفلس وبه قال الشافعي، ومالك، وأبو يوسف، ومحمد.
وقال أبو حنيفة: لا يصح الضمان عن الميت إذا لم يخلف وفاء بمال، أو ضمان ضامن.
لنا أنه ضمن علي (عليه السلام) وأبو قتادة عن الميت وأجاز النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك مطلقا ولم يفصل، وأيضا ما روي عن أنس أنه قال: من استطاع منكم أن يموت وليس عليه دين فليفعل، فإني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد أتي بجنازة ليصلي عليها، فقال: هل عليه دين؟ فقالوا: نعم، فقال:
ما تنفعه صلاتي وهو مرتهن بدينه، فلو قام أحدكم فضمن عنه وصليت عليه، كانت تنفعه صلاتي، وهذا صريح في جواز ابتداء الضمان بعد موت المضمون عنه (7).