وتصح الحوالة على من ليس عليه دين (1) إذا قبل خلافا للشافعي فإنه قال لا تصح. لنا أن الأصل جواز ذلك، والمنع منه يحتاج إلى دليل (2).
وإذا كان عليه دين اعتبر شرطان آخران: أحدهما: اتفاق الحقين في الجنس والنوع والصفة، لأن المحال عليه لا يلزمه أن يؤدي خلاف ما هو عليه، والثاني أن يكون الحق مما يصح أخذ البدل فيه قبل قبضه، لأن في الحوالة - وهذه حالها - معنى المعاوضة. وإذا صحت الحوالة انتقل الحق إلى ذمة المحال عليه، بلا خلاف إلا من زفر [116 / ب].
لنا أن الحوالة مشتقة من التحويل، وذلك لا يكون مع بقاء الحق في الذمة الأولى.
ولا يعود الحق إلى ذمة المحيل إذا جحد المحال عليه الحق وحلف عليه، أو مات مفلسا، أو أفلس وحجر الحاكم عليه (3)، وبه قال الشافعي: وهو المروي عن علي (عليه السلام).
وقال أبو حنيفة: له الرجوع عليه بالحق إذا جحد المحال عليه، أو مات مفلسا.
وقال أبو يوسف ومحمد: يرجع عليه إذا أفلس وحجر عليه الحاكم.
لنا أنه قد ثبت انتقال الحق عن ذمته، ولا دليل على انتقاله ثانيا إليه، فمن ادعى ذلك فعليه الدليل، ولأن الملاءة شرط في الحوالة، ولو كان له الرجوع عند الإعسار لم يكن لشرط الملاءة تأثير (4).
وإذا أحال البايع بالثمن ثم رد المبيع بالعيب عليه، بطلت الحوالة، لأنها لحق البايع وهو الثمن وإذا بطل البيع سقط الثمن فبطلت، فإن أحال البايع على المشتري بالثمن ثم رد المبيع بالعيب، لم تبطل الحوالة، لأنه تعلق به حق لغير المتعاقدين (5). ولا خلاف في هذه المسألة بيننا وبين الشافعية وأما بين الحنفية فما وجد فيها خلاف أيضا (6).
وإذا اختلفا، فقال المحيل: وكلتك بلفظ الوكالة، فقال المحال: بل أحلتني بلفظ الحوالة، فالقول قول المحيل بلا خلاف، لأنهما اختلفا في لفظ هو أعرف به من غيره، ولو كان النزاع بالعكس من ذلك، كان القول قول المحال، لأن الأصل بقاء حقه في ذمة المحيل (7) ولا خلاف فيها أيضا.