وإذا اتفقا على لفظ الإحالة فإن القدر الذي جرى بينهما منه أنه قال: أحلتك بما لي عليه من الحق، ثم اختلفا، فقال المحيل: أنت وكيلي في ذلك، وقال المحال: بل أحلتني لآخذ ذلك لنفسي، فالقول قول المحيل (1)، وبه قال المزني، وأكثر أصحاب الشافعي. وقال ابن سريج:
القول قول المحال.
لنا أنهما قد اتفقا أن الحق كان للمحيل على المحال عليه، وانتقاله إلى المحتال يحتاج إلى دليل، لأنه ليس في إحالة المحيل بذلك دليل على أنه أقر له به وأحاله بحق له عليه. وإن شئت قلت: الأصل بقاء حق المحيل على المحال عليه، وبقاء حق المحتال على المحيل، والمحتال يدعي زوال ذلك والمحيل ينكره، فالقول قوله مع يمينه (2).
الحوالة عند الشافعي بيع، وليس لأصحابنا فيه قول، والذي يقتضيه المذهب أن نقول:
إنه عقد قائم بنفسه، لأنه لا دلالة على أنه بيع، وإلحاقه به قياس لا نقول به (3).
إذا أحال لزيد على عمرو بألف، فقبله صحت الحوالة في ذلك، لأنه إذا قبله فقد أقر بلزوم ذلك المال في ذمته [117 / أ]، فيجب عليه الوفاء به، ومن قال: لا يصح، فعليه الدلالة.
وللشافعي فيه وجهان: أحدهما ما قلناه. والثاني لا يجوز، لأن الحوالة بيع، والمعدوم لا يجوز بيعه (4).