وحكى عن مالك أن البلوغ بأن يغلظ الصوت، وأن ينشق الغضروف - وهو رأس الأنف -، وأما السن فلا يتعلق بالبلوغ.
لنا مضافا إلى إجماع الإمامية وأخبارهم ما روى أنس بن مالك أن النبي (عليه السلام) قال: إذا استكمل المولود خمس عشرة سنة كتب ماله وما عليه وأخذت منه الحدود. وروى عبد الله بن عمر قال: عرضت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) عام بدر، وأنا ابن ثلاث عشرة سنة فردني، وعرضت عليه عام الخندق، وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني في المقاتلة. فنقل الحكم وهو الرد والإجازة، وسببه السن (1).
والرشد يكون بشيئين: أحدهما: أن يكون مصلحا لماله، بلا خلاف. والثاني: أن يكون عدلا، فإن اختل أحدهما استمر الحجر أبدا، إلى أن يحصل الأمران (2)، وفاقا للشافعي، وقال أبو حنيفة: إذا كان مصلحا له، مدبرا له، وجب فك الحجر عنه، سواء كان عدلا في دينه، أو لم يكن (3).
لنا قوله تعالى: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما} (4) والفاسق سفيه، وقوله {فإن أنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم} (5) فاشترط الرشد، فمن كان فاسقا في دينه كان موصوفا بالغي، ومن وصف بذلك لم يوصف بالرشد لتنافي الصفتين، وأيضا فلا خلاف في جواز دفع المال إليه مع اجتماع العدالة وإصلاح المال، وليس على جواز دفعه إذا انفرد أحد الأمرين دليل (6) [114 / ب].
وإذا اجتمع الأمران جاز على كل حال، فإن ارتفع الحجر ثم صار مبذرا مضيعا، أعيد الحجر عليه (7)، وفاقا للشافعي، وقال أبو حنيفة: إذا بلغ خمسا وعشرين سنة، فك حجره على كل حال، ولو تصرف في ماله قبل بلوغ خمس وعشرين سنة يصح تصرفه بالبيع والشراء والإقرار (8).
لنا أن المبذر سفيه غير رشيد بلا خلاف، فوجب إعادة الحجر عليه، لظاهر [ما قدمناه