خمسمئة فيقول صالحت فلا يثبت فيه خيار لأنه إبراء، وصلح معاوضة. هذا بيع في جميع الأحكام وصورته أن يقول صالحني عن ألف لك علي على هذا الشقص أو على هذا الثوب فيقول صالحت فيثبت فيه خيار المجلس وخيار الشرط والشفعة ويشترط التقابض في المجلس إذا صالح عن دراهم على دنانير لأنه صرف ولا يصح واحد منهما على الإنكار فإن جاء ثالث وصدق المدعي صح مع الثالث (1).
والشوارع على الإباحة يجوز لكل واحد التصرف فيها بما لا يتضرر به المارة، فإن أشرع جناحا وكان عاليا لا يضر بالمجتازين، ترك ما لم يعارض فيه أحد من المسلمين، فإن عارض وجب قلعه (2)، وفاقا لأبي حنيفة. وقال الشافعي: لا يجب قلعه إذا لم يضر بالمارة. وبه قال مالك، وأحمد، وأبو يوسف ومحمد.
لنا أن الطريق حق لجميع المسلمين، فإذا طالبه واحد منهم، كان له ذلك كسائر الحقوق، ولم يجز أن يغصب على حقه، وأيضا فلو سقط ما أشرعه على إنسان فقتله، أو على مال فأتلفه، لزمه الضمان ولو كان يملك ذلك لما لزمه (3).
والسكة إذا كانت غير نافذة فهي ملك لأرباب الدور الذين فيها طرقهم، فلا يجوز لبعضهم فتح باب ولا إشراع جناح فيها إلا برضى الباقين، ضر ذلك أو لم يضر، ومتى أذنوا في ذلك، كان لهم الرجوع، لأنه إعارة، ولو صالحوه على ترك الجناح بعوض لم يصح، لأن إفراد الهواء بالبيع باطل، ولا يجوز منعه من فتح كوة في حائطه، لأن ذلك تصرف في ملكه خاصة (4).
ومن في أسفل السكة يجوز له فتح باب جديد بدون رضى من أعلاها، لأنه تصرف فيما يخصه ولا يشترك فيه غيره لا خلاف في جميع ذلك.
فإن تساوت الأيدي في التصرف في شئ وفقدت البينة، حكم بالشركة - أرضا كان ذلك، أو دارا، أو سقفا، أو حائطا أو غير ذلك - لأن التصرف دلالة الملك وقد وجد.
فإن كان للحائط عقد إلى أحد الجانبين، أو فيه تصرف خاص لأحد المتنازعين، كوضع الخشبة، فالظاهر أنه لمن العقد إليه، والتصرف له، فيقدم دعواه، ويكون القول قوله مع يمينه،