وإنما كلفناه اليمين، لجواز أن يكون هذا التصرف مأذونا فيه، أو مصالحا عليه، والحائط [115 / ب] ملك لهما.
ويحكم بالخص لمن إليه معاقد القمط، وهي مشاد الخيوط في القصب (1). وبه قال أبو يوسف وزاد: خوارج الحائط وأنصاف اللبن، ويقدم بهما. وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يقدم بشئ من ذلك.
لنا ما رووه من أن رسول الله (صلى الله عليه وآله): بعث حذيفة بن اليمان (2) ليحكم بين قوم اختصموا في خص، فحكم به لمن إليه القمط، فلما رجع إليه (عليه السلام) أخبره بذلك فقال: أصبت وأحسنت رأيا (3).
وإذا انهدم الحائط المشترك لم يجبر أحد الشركين على عمارته والإنفاق عليه، وكذا القول في كل ملك مشترك، وكذا لا يجبر صاحب السفل على عمارته لأجل العلو (4).
وللشافعي في هذه المسائل قولان: أحدهما: ما قلناه، وهو قوله الجديد، وبه قال أبو حنيفة. والآخر: قوله القديم: يجبر عليه (5).
لنا أن الأصل براءة الذمة، ومن أوجب إجباره على النفقة في ذلك فعليه الدليل. وقوله (صلى الله عليه وآله): لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه.
وإذا أراد أحدهما الانفراد بالعمارة لم يكن للآخر منعه، وإن عمر متبرعا بالآلات القديمة، لم يكن له المطالبة لشريكه بنصف النفقة، ولا منعه من الانتفاع، وإن عمر بآلات متجددة، فالبناء له، وله نقضه إذا شاء، والمنع لشريكه من الانتفاع به، وليس له سكنى السفل ولا منع شريكه من سكناه، لأن ذلك انتفاع بالأرض لا بالبناء (6).
لا يجوز لأحد الشريكين في الحائط أن يدخل فيه خشبة خفيفة لا تضر بالحائط ضررا كثيرا إلا بإذن الآخر، وهو قول الشافعي في الجديد. وقال في القديم: يجوز ذلك. وبه