قولان: أحدهما ما قلناه وهو الصحيح عندهم. والثاني أن تصرفه موقوف، ويقسم ماله سوى ما يصرف فيه بين غرمائه، فإن وفى بهم نفذ تصرفه، وإن لم يف بطل تصرفه (1).
ويصح تصرفه فيما سوى ذلك، من خلع وطلاق، وعفو عن قصاص، ومطالبة به، وشراء بثمن في الذمة، ولو جنى جناية توجب الأرش، شارك المجني عليه الغرماء بمقدار حقه، لأن ذلك حق ثبت على المفلس بغير اختيار صاحبه، ولو أقر بدين، وذكر أنه كان عليه قبل الحجر، قبل إقراره، وشارك المقر له سائر الغرماء، لأن إقراره صحيح، وإذا كان كذلك، فظاهر الخبر في قسمة ماله بين غرمائه يقتضي ما ذكرناه فمن خصصه فعليه الدليل (2). وهو اختيار الشافعي. وله قول آخر: وهو أن يكون في ذمته يقضي من الفاضل من دين غرمائه (3).
وثالثها: أن كل من وجد عين ماله من غرمائه كان أحق بها من غيره (4).
وقد روي أنه يكون أسوة للغرماء، ويتعلق دينه بذمته. والصحيح هو الأول (5).
وكل من وجد عين ماله من غرمائه كان أحق بها إذا كان خلف وفاء للباقين، وإذا لم يخلف كانوا سواء فيها ولم يكن واحد منهم أحق من غيره.
وقال أبو سعيد الإصطخري من أصحاب الشافعي: كل من وجد عين ماله من غرمائه كان أحق بها سواء خلف وفاء أو لم يخلف. وقال الباقون: إذا خلف وفاء للديون، لم يكن لأحد أن يأخذ عين ماله، وإنما له ذلك إذا لم يخلف غيره، عكس ما قلناه (6).
وإن مات هذا المديون قبل أن يحجر الحاكم عليه، فهو بمنزلة ما لو حجر عليه في حال الحياة لقوله (عليه السلام) أيما رجل مات أو أفلس، فصاحب المتاع أحق بمتاعه إذا وجده بعينه، ويتعلق بماله الأحكام الثلاثة وبه قال علي (عليه السلام)، وعثمان بن عفان وأبو هريرة، وفي الفقهاء أحمد والشافعي.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز للغرماء أن يسألوا الحاكم الحجر عليه، فإن سألوه أو أدى اجتهاده إلى الحجر عليه، فإن ديونهم لا تتعلق بعين ماله، بل تكون في ذمته، ويمنع من التصرف في ماله لأن حجر الحاكم عنده صحيح ولا يجوز لمن وجد من الغرماء عين ماله أن يفسخ البيع، بل يكون أسوة منهم كما روي في بعض الروايات [112 / ب] وكذلك الحكم إذا