الأخرى فإنه يجب عليه في اليد الأخيرة المقطوعة القصاص والإصلاح على ديتها ولا شئ عليه في قطع اليد الأول بحال، وحكم النساء في أحكام المحاربة حكم الرجال في أنهن يقتلن ويعمل بهن ما يعمل بالرجال، لعموم قوله تعالى:
(إنما جزاء الذين يحاربون الله). الآية بخلاف المرتدة فإنها لا تقتل بالردة بل تحبس أبدا.
هذا اختيار شيخنا أبي جعفر الطوسي في مسائل خلافه ومبسوطه، ومن أن الكتابان معظمهما فروع المخالفين وهو قول بعضهم اختاره رحمة الله ولم أجد لأصحابنا المصنفين قولا في قتل النساء في المحاربة، والذي يقتضيه أصول مذهبنا أن لا يقتلن إلا بدليل قاطع، فأما تمسكه بالآية فضعيف لأنه خطاب للذكران دون الأناث، ومن قال تدخل النساء في خطاب الرجال على طريق التبع فذلك مجاز والكلام في الحقائق والمواضع التي دخلن في خطاب الرجال فبالإجماع دون غيره فليلحظ ذلك.
فأما كيفية صلب المحارب فشيخنا أبو جعفر رحمه الله يذهب في مسائل خلافه إلى أنه لا يجوز صلبه حيا بل يقتل ثم يصلب بعد قتله ولا ينزل إلى ثلاثة أيام.
وقال شيخنا المفيد رحمه الله في مقنعته: يصلب حيا وينزل من خشبته بعد ثلاثة أيام ويغسل ويكفن ويحنط ويصلى عليه لأنه قتل حدا لا قودا وشيخنا أبو جعفر الطوسي، قال في مبسوطه على ما قدمناه، قتله قودا فكان يلزمه أن يؤمر أولا بالاغتسال والتكفين ثم يصلب وهو لا يرى غسله إلا بعد نزوله من خشبته والصحيح ما ذهب إليه شيخنا المفيد رحمه الله وهو الذي يقوى في نفسي لأنه الذي يقتضيه ظاهر التنزيل وهو قوله تعالى: (أن يقتلوا أو يصلبوا). فجعل تعالى الصلب غير القتل، وخير في ذلك بقوله: " أو " وهي يقتضي التخيير في لسان العرب على ما قدمناه، فعلى هذا أ كان يلزم المخالف أن يصلبه حيا ولا يقتله بل ينزله حيا بعد صلبه لأنه تعالى قد جعل الصلب غير القتل، وعندنا أن الجميع يقتضي القتل إلا أنه ليس كل قتل صلبا. فإذا قطع جماعة الطريق فأقروا بذلك كان حكمهم ما ذكر فإن لم يقروا.