قلنا: لما تكرر منه الفعل صار مفسدا ساعيا في الأرض فسادا فقطعناه لأجل ذلك لا لأجل كونه سارقا ربع دينار ولهذا روى أصحابنا: أنه من سرق حرا صغيرا فباعه وجب عليه القطع، قالوا: لأنه من المفسدين في الأرض، وأيضا فالأخبار مختلفة في ذلك فبعضها يوجب عليه القطع مطلقا وبعضها يوجب عليه التعزير ولا يوجب عليه القطع فحملنا ما يوجب القطع منها.
إذا سرق الكفن وأخرجه من القبر وكان قيمته ربع دينار قطع لقولهم ع: سارق موتاكم كسارق أحيائكم، على ما قدمناه أو على من يتكرر منه ذلك وكان معتادا لفعل ذلك وإن لم تبلغ قيمة الكفن ربع دينار وإن لم يأخذ كفنا أيضا على ما ذهب إليه شيخنا أبو جعفر في كتابه الاستبصار وحملنا منها ما يوجب التعزير والعقوبة إذا نبش أول مرة ولم يكن له عادة بذلك ولم تكن قيمة الكفن تبلغ ربع دينار أو كونه لم يأخذ الكفن وقد عمل بجميعها وكان لكل منها وجه تقتضيه الأدلة.
وقال شيخنا أبو جعفر في استبصاره لما اختلفت عليه الأخبار فإنه أورد جملة منها بوجوب القطع ثم أورد جملة أخرى بالتعزير فحسب فقال: فهذه الأخبار الأخيرة كلها تدل على أنه إنما يقطع النباش إذا كان ذلك له عادة فأما إذا لم يكن ذلك عادته نظر فإن كان نبش وأخذ الكفن وجب قطعه وإن لم يأخذ لم يكن عليه أكثر من التعزير، قال: وعلى هذا تحمل الأخبار التي قدمناها، هذا جملة ما أورده رحمه الله في استبصاره متوسطا بين الأخبار.
قال محمد بن إدريس: بقي عليه رحمه الله أنه أسقط جميع الأخبار التي رويت في أن سارق موتاكم كسارق أحيائكم لأنه رحمه الله لم يراع النصاب في شئ منها في وساطته بينها فقد سقطت جملة وهذا بخلاف عادته وخرم لقاعدته في وساطته بينها.
وقال في نهايته: ومن نبش قبرا وسلب الميت كفنه وجب عليه القطع كما يجب على السارق سواء، فإن نبش ولم يأخذ شيئا أدب تغليظ العقوبة ولم يكن عليه قطع على حال، فإن تكرر منه الفعل وفات الإمام تأديبه كان له قتله كي يرتدع