منفى محارب فلا تؤاكلوه ولا تشاربوه ولا تبايعوه ولا تجالسوه فإن انتقل إلى غير ذلك من البلدان كوتب أيضا أهلها بمثل ذلك فلا يزال يفعل به ذلك حتى يتوب، فإن قصد بلاد الشرك لم يمكن من الدخول إليها وقوتلوا هم على تمكينهم من دخوله، هذا آخر كلامه رحمه الله وهو اختياره في مسائل خلافه ومبسوطه فجعل أحكامه على طريق الترتيب على ما حكيناه عنه ولم يخير الإمام والحاكم في أي الأحكام المذكورة في الآية فعل به ما يختاره.
وقال شيخنا المفيد في مقنعته: وأهل الدعارة " بالدال غير المعجمة قال الجوهري صاحب كتاب الصحاح: الدعر " بالتحريك " الفساد، والدعر أيضا مصدر قولك:
دعر العود " بالكسر " يدعر دعرا فهو عود دعر، أي ردئ كثير الدخان ومنه أخذت الدعارة وهي الفسق والخبث، يقال: هو خبيث داعر بين الدعر والدعارة، هذا آخر كلام الجوهري " عدنا إلى قول شيخنا المفيد قال: وأهل الدعارة إذا جردوا السلاح في دار الاسلام وأخذوا الأموال كان الإمام مخيرا فيهم إن شاء قتلهم بالسيف وإن شاء صلبهم حتى يموتوا وإن شاء قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وإن شاء نفاهم عن المصر إلى غيره ووكل بهم من ينفيهم عنه إلى ما سواه حتى لا يستقر بهم مكان إلا وهم منفون عنه مبعدون إلى أن تظهر منهم التوبة والصلاح، فإن قتلوا النفوس مع إشهارهم السلاح وجب قتلهم على كل حال بالسيف أو الصلب ولم يتركوا على وجه الأرض أحياء، هذا آخر كلامه رحمه الله وهو الأظهر الأصح لأنه يعضده ظاهر التنزيل فلا يرجع عن هذا الظاهر بأخبار آحاد لا توجب علما ولا عملا لأن " أو " حقيقتها في لسان العرب التخيير ولأجل ذلك اخترنا في كفارة الصيد التخيير دون الترتيب.
واللص حكمه عندنا حكم المحارب فإذا دخل على انسان جاز له أن يقاتله ويدفعه عن نفسه ما دام مقبلا عليه، فإن أدى الدفع إلى قتل اللص لم يكن على قاتله شئ من قود ولا دية ولا كفارة لأنه محسن وقد قال تعالى: وما على المحسنين من سبيل، فأما إذا أدبر عنه اللص فلا يجوز له رميه ولا قتله لأنه ساع له ذلك لأجل دفعه عنه فإذا أدبر فلا يجوز له رميه ولا قتله في حال إدباره، فإن ضربه في حال إقباله عليه ضربة قطع بها يده فأدبر عنه ثم ضربه في حال إدباره ضربة أخرى قطع اليد