غيره عن إيقاع مثله من مستقبل الأوقات، هذا آخر كلامه في نهايته.
وما اخترناه من مراعاة المقدار الذي يجب فيه القطع من أول مرة مذهب شيخنا المفيد في مقنعته فإنه قال: ويقطع النباش إذا سرق من الأكفان ما قيمته ربع دينار كما يقطع غيره من السراق إذا سرقوا من الأحرار، وإذا عرف الانسان ينبش القبور وكان قد فات السلطان ثلاث مرات كان الحاكم فيه بالخيار إن شاء قتله وإن شاء قطعه وعاقبه والأمر في ذلك إليه يعمل فيه بحسب ما يراه أزجر للعصاة وأردع للجناة، هذا آخر كلامه رحمه الله ونعم ما قال فإنه الذي تقتضيه أصول المذهب وتحكم بصحته أعيان الآثار عن الأئمة الأطهار وأيضا الأصل براءة الذمة فمن قطعه في غير المتفق عليه يحتاج إلى دليل.
وشيخنا أبو جعفر يفوح من فيه استدلاله في مسائل خلافه إلى اعتبار النصاب لأنه قال مسألة: النباش يقطع إذا أخرج الكفن من القبر إلى وجه الأرض، ثم استدل فقال: دليلنا قوله " والسارق والسارقة " وهذا سارق، فإن قالوا:
لا نسلم أنه سارق، قلنا: السارق هو من إذا أخذ الشئ مستخفيا متفزعا قال الله تعالى " إلا من استرق السمع " وقالت عائشة: سارق موتانا كسارق أحيائنا، وقال ع: القطع في ربع دينار، ولم يفصل، إلى ههنا كلامه رحمه الله ألا ترى إلى استدلاله بالآية والخبر عنه ع من قوله:
القطع في ربع دينار، فاستدل بهذا الخبر وفيه مقدار النصاب واستدل بالآية ولا خلاف أنه لا يقطع السارق إلا إذا سرق من حرز ربع دينار على ما بيناه وحررناه.
والذي اعتمد عليه بعد هذا كله وأفتى به ويقوى في نفسي قطع النباش إذا أخرج الكفن من القبر إلى وجه الأرض وسلب الميت سواء كانت قيمة الكفن ربع دينار أو أقل من ذلك أو أكثر في الدفعة الأولى أو الثانية لإجماع أصحابنا وتواتر أخبارهم بوجوب قطع النباش من غير تفصيل وفتاويهم وعملهم على ذلك، وما ورد في بعض الأخبار وأقوال بعض المصنفين بتقيد وتفصيل ذلك بالمقدار في الدفعة الأولى فمثل ذلك لا يخصص العموم لأن تخصيص العموم يكون دليلا قاهرا مثل العموم في الدلالة.