مسائل خلافه وضعفها إلا أنه رجع عن ذلك كله في مبسوطه فقال: إذا تكررت منه السرقة فسرق مرارا من واحد أو من جماعة ولم يقطع فالقطع مرة واحدة لأنه حد من حدود الله فإذا ترادفت تداخل كحد الزنى وشرب الخمر فإذا ثبت أن القطع واحد فإن اجتمع المسروق منهم وطالبوه بأجمعهم قطعناه وغرم لهم وإن سبق واحد منهم فطالب بما سرق منه وكان نصابا غرم وقطع ثم كل من كان بعده من القوم فطالب بما سرق منه غرمناه ولم نقطعه لأنا قد قطعناه بالسرقة فلا يقطع قبل أن يسرق مرة أخرى، هذا آخر كلامه في مبسوطه وهو الذي يقوى في نفسي وأعمل عليه لأن الأصل براءة الذمة ولقوله تعالى: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما، وقد قطعنا وامتثلنا المأمور به وتكراره يحتاج إلى دليل ولم يسرق بعد قطعنا له دفعة ثانية حتى نقطعه بسرقته الثانية فيتكرر المأمور بتكرر سببه ولا يلتفت في مثل هذا إلى رواية وأخبار آحاد لا توجب علما ولا عملا، وشيخنا قال في مسائل خلافه: عندها قال المخالف: لا يقطع، قال: وهذا قوي، غير أن الرواية ما قلناه فجعلها رواية لا دراية.
وروى أصحابنا عن الصادق جعفر بن محمد ع أنه قال: لا قطع على من سرق شيئا من المأكول في عام مجاعة.
الحقوق على ثلاثة أضرب: حق لله محض وحق للآدمي محض وحق لله ويتعلق بحق الآدميين. فأما حقوق الله المحضة فكحد الزنى والشرب فإنه يقيمه الإمام من غير مطالبة آدمي، فأما حقوق الآدميين المحضة المختصة بهم فلا يطالب بها الإمام إلا بعد مطالبتهم إياه باستيفائها، فأما الحق الذي لله ويتعلق به حق الآدمي فلا يطالب به أيضا ولا يستوفيه إلا بعد المطالبة من الآدمي وهو حد السارق فمتى لم يرفعه إليه ويطالب بماله لا يجوز للحاكم إقامة الحد عليه بالقطع فعلى هذا التحرير إذا قامت عليه البينة بأنه سرق نصابا من حرز لغائب وليس للغائب وكيل يطالب بذلك لم يقطع حتى يحضر الغائب ويطالب فأما إن قامت عليه البينة أو أقر بأنه قد زنى بأمة غائب فإن الحاكم يقيم الحد عليه ولا ينتظر مطالبة أدمى لأن الحق لله تعالى محضا،