وقامت عليهم بذلك بينة وهي شهادة عدلين كان الحكم في ذلك مثل ما ذكرناه من الإقرار سواء، فإن شهد قطاع الطريق أو اللصوص بعضهم على بعض لم تقبل شهادتهم لأنهم فساق وكذلك إن شهد الذين أخذت أموالهم بعضهم لبعض لم تقبل شهادتهم لأنهم خصوم وإنما تقبل شهادة غيرهم لهم أو يحكم بإقرار اللصوص على أنفسهم.
لا يجب أحكام المحارب على الطليع والرد بالنظر لهم وإنما يجب على من باشر القتل أو أخذ المال أو جمع بينهما أو شهر سلاحه لإخافة الناس.
إذا جرح المحارب جرحا يجب فيه القصاص في حد غير المحاربة مثل قطع اليد أو الرجل أو قلع العين وغير ذلك وجب عليه القصاص بلا خلاف ولا يتحتم بل للمجروح العفو، وإذا قطع المحارب يد رجل وقتله في المحاربة قطع ثم قتل وهكذا لو وجب عليه القصاص فيما دون النفس ثم أخذ المال اقتص منه وقطع من خلاف ويأخذ المال صاحبه.
والمحارب إذا وجب عليه حد من حدود الله تعالى لأجل المحاربة قبل انحتام القتل أو قطع الرجل واليد من خلاف والصلب عند من رتب الأحكام وعند من لم يرتبها ثم تاب قبل القدرة عليه وقبل قيام الحد سقط الحد بلا خلاف وإن تاب بعد القدرة عليه لا يسقط بلا خلاف.
وما يجب عليه من حقوق الآدميين وحدودهم فلا يسقط كالقصاص والقذف وضمان الأموال، وما يجب عليه من حدود الله التي لا يختص بالمحاربة كحد الزنى والشرب واللواط فإنها تسقط عندنا بالتوبة قبل رفعه إلى الحاكم والقدرة عليه، وكذلك كل من وجب عليه حد من حدود الله تعالى من شرب الخمر أو الزنى من غير المحاربين ثم تاب قبل قيام البينة عليه بذلك فإنها بالتوبة تسقط.
إذا اجتمع حد القذف وحد الزنى وحد السرقة ووجوب القطع " قطع اليد والرجل بالمحاربة وأخذ المال فيها " ووجب عليه القود بقتل في غير المحاربة فاجتمع حدان عليه وقطعان وقتل فإنه يستوفى منه الحدود كلها ثم يقتل ولا يتداخل بعضها