في بعض لأن الظواهر تقتضي إقامتها كلها فمن ادعى تداخلها فعليه الدلالة.
قد قلنا: إن أحكام المحاربين تتعلق بالرجال والنساء سواء على ما فصلناه من العقوبات لقوله تعالى: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله الآية، ولم يفرق بين النساء والرجال فوجب حملها على عمومها.
إذا مات قطاع الطريق قبل إقامة الحد عليهم لا يصلبون لأنه قد مات بالموت ولله فيهم المشيئة، إذا شهد شاهدان أن هؤلاء قطعوا الطريق علينا وعلى القافلة وقاتلونا وأخذوا متاعنا لم تقبل هذه الشهادة في حق أنفسهما لأنهما شهدا لأنفسهما ولا تقبل شهادة الانسان لنفسه ولا تقبل شهادتهما أيضا للقافلة على ما قدمناه لأنهما قد أبانا عن العداوة والخصومة وشهادة العدو والخصم لا تقبل على عدوه وخصمه، وهكذا لو شهدا على رجل فقالا: هذا قذفنا وقذف زيدا، لم تقبل شهادتهما لأنفسهما ولا لزيد لما مضى، فإن شهدا بأن هؤلاء قطعوا الطريق على هؤلاء وهذا قذف زيدا قبلت الشهادة لأنهما شهدا بالحق مطلقا على وجه لا يرد به شهادتهما.
وليس للحاكم أن يسأل الشهود: هل قطعوا الطريق عليكم مع هؤلاء أم لا؟
وهل قذفكما هذا مع قذفه زيدا أم لا؟ لأن الحاكم لا يبحث عن شئ مما يشهد به الشهود إلا ما يكون مجملا من قولهم مما لا يمكنه الحكم به إلا بعد مسائلتهم عنه كشهادتهم أن زيدا قتل عمرا فإنه يجب عليه أن يبحث عن صفة هذا القتل هل هو عمد محض أو خطأ محض أو خطأ شبيه العمد لأن القتل مجمل وهو على ثلاثة أضرب فلا يأمن في حكومته أن يكون القتل بخلاف الجنس الذي يحكم به فيخطئ على المشهود عليه أو المشهود لهم، وجملته أن كل شهادة كانت بأمرين فردت في إحديهما هل ترد في الآخر أم لا؟ نظرت، فإن كان الرد لأجل العداوة ردت في الآخر، وإن كان لأجل التهمة فهل ترد في الآخر أم لا؟ قال قوم: ترد، وقال آخرون: لا ترد، وهو الأقوى عندي لأن التهمة موجودة في حق نفسه دون حق غيره والعداوة في الشهادتين حاصلة فبان الفصل بينهما، فإن شهدوا فقالوا: هؤلاء عرضوا لنا وقطعوا الطريق على غيرنا، قبلت هذه الشهادة لأن العداوة ما ظهرت لهم فلهذا سمعت