أقر بما يوجب عليه الحد بالرجم ثم جحد ذلك قبل أن يرجم خلي سبيله ولا يكون الإمام ههنا مخيرا في تخلية سبيله بل يجب عليه ذلك، فأما إذا لم يجحد كان الإمام بالخيار في إقامة الحد عليه أو تخليته على ما يراه من المصلحة في الحال له وللأمة بشرط إظهاره التوبة بعد الإقرار عن الإمام، فأما إذا لم يتب فلا يجوز تخليته ولا يكون مخيرا.
ومن أقر على نفسه بحد ولم يبينه ضرب أعلى الحدود وهي المائة إلا أن ينهى هو عن نفسه من دونها وبعد تجاوز الحد الذي هو الثمانون، فإن نهى عن نفسه قبل بلوغ الثمانين سوطا الذي هو حد شارب الخمر فلا يقبل منه وضرب إلى أن يبلغه فهذا تحرير هذه الفتيا، وقد روي: أنه يضرب حتى ينهى هو عن نفسه الحد.
وإذا كانت المرأة مستحاضة لم يقم عليها الجلد إن كان حدها جلدا وإن كان رجما أقيم عليها لأن الغرض قتلها، ولا يقام عليها الجلد حتى ينقطع دمها لأنها عليلة لأن دم الاستحاضة دم علة ويقام على الحائض الجلد لأنه دم جبلة وليس بدم علة.
إذا وجب على انسان جلد لم يقم عليه في الساعات الشديدة الحر ولا الشديدة البرد بل إن كان في الشتاء يترك حتى تطلع الشمس ويحمى النهار ويذهب برد أوله وإن كان في الصيف يترك حتى يبرد النهار ولا يضرب في السبرات الباردة ولا الجواهر بل يقام عليه في الأوقات المعتدلة.
وإذا فرع من رجم المرجوم دفن في الحال ولم يترك على وجه الأرض، وأحكامه بعد موته أحكام غيره من الأموات إلا في الغسل فإنه يؤمر بالاغتسال أولا والتكفين ثم يقام الحد عليه فإذا مات كان بعد ذلك أحكامه أحكام غيره فإنه يصلى عليه ويدفن، ويجب على من مسه الغسل على ما ذكرناه في باب تغسيل الأموات وكتاب الطهارات.
وقد ذكر شيخنا أبو جعفر في مبسوطه في كتاب الحدود قال: إذا رجم رجل وصلى عليه فحكمه بعد الرجم حكم المسلم إذا مات وحكم من يقتل قصاصا يغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين بلا خلاف، وروى أصحابنا: أنه يؤمر بالاغتسال قبل الرجم والتحنيط وكذلك من وجب عليه القصاص فإذا قتل صلى