وقد ذكر في المسالك الاشكال الأول وقال: (وأجيب بأن السؤال مبني على أنه يجوز استقلال بعض الشركاء باستيجار القسام لافراز نصيبه ولا سبيل إليه، لأن افراز نصيبه لا يمكن إلا بالتصرف في نصيب الآخرين ترددا وتقديرا، ولا سبيل إليه إلا برضاهم، نعم يجوز أن ينفرد واحد منهم برضا الباقين فيكون أصلا ووكيلا ولا حاجة إلى عقد الباقين، وحينئذ إن فعل ما على كل واحد منهم بالتراضي فذاك، وإن أطلق عاد الكلام في كيفية التوزيع).
وقد أشكل على هذا الجواب بأن الإجارة للتقسيم المستلزم للتصرف في مال الشريك بدون إذنه غير صحيحة، وأما إذا كانت الإجارة في مورد لا يستلزم التقسيم فيه التصرف، كأن يكون القاسم عالما بوزن المال أو مساحة الأرض مثلا عاد الاشكال.
أقول: هذا كله بالنسبة إلى التصرف الخارجي، لكن الافراز في حد ذاته تصرف فلا يجوز القيام به ولا يتحقق إلا مع إذن الشريك، وحينئذ تكون إجارة الأول باطلة.
وكما يمكن أن يكون القاسم عالما بخصوصيات المال بحيث لا يحتاج إلى التصرف في نصيب الشريك الآخر، كذلك يمكن تحصيل رضا الشريك بهذا المقدار من التصرف اللازم لمعرفة خصوصيات المال، فيكون نظير ما إذا وكله في شراء دار مثلا، فإن معناه أنه إن رضى مالكه أو باعها فاشترها منه، وأما إذا لم يرض لغت الوكالة، فيكون كبيع الفضولي مع عدم إجازة المالك، فلو باع شخص مال غيره فضولة، أي أنشأ تمليكه الغير بدون رضى المالك فإن هذا فعل لغو وليس حراما لأن المفروض عدم وقوع التصرف فيه.
وهنا إن للتقسيم كان في الحقيقة إجارة مشروطة بإجازة الشريك، فقيل بعدم الصحة أيضا، وقال في الجواهر: إذا كان انشاء الإجارة مشروطا بإجازة الآخر فإن إجارة الأول باطلة للتعليق، وإن كان انشاء مراعى بإجازة الآخر مثل بيع الفضولي فإن انشاء منجز لكنه مراعى شرعا، فإن رضى الثاني بالإجارة تمت وأثرت الإجازة.