وأيضا قوله تعالى: * (وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط) * (1)، وقوله: * (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق) * (2)، ومن حكم بعلمه فقد حكم بالحق والعدل، وأيضا قوله تعالى: * (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) * (3)، وقوله: * (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) *. (4) ومن علمه الإمام أو الحاكم زانيا أو سارقا وجب عليه امتثال الأمر، وإذا ثبت ذلك في الحد ثبت في الأموال، لأن أحدا لم يفرق بين الأمرين، وأيضا فلو لم يقض الحاكم بعلمه، لأدى إما إلى فسقه، من حيث منع الحق الذي يعلمه، أو إعطاء ما لم يعلم استحقاقه، وإما إلى إيقاف الحكم، والأول يقتضي فسخ ولايته وإبطال أحكامه مستقبلا، والثاني ينافي المقصود بها، وأيضا فإنما يحتاج إلى البينة ليغلب في الظن صدق المدعى، ولا شبهة في أن العلم بصدقه آكد من غلبة الظن.
فإذا وجب الحكم مع الظن ذلك، فلان يجب مع العلم به أولى وأحرى، ويدل أيضا على ما قلناه إمضاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحكم له بالناقة على الأعرابي من أمير المؤمنين عليه السلام (4) ومن خزيمة بن ثابت (6)، وسماه لذلك ذا الشهادتين (7) من حيث علما صدقه صلى الله عليه وآله وسلم بالمعجز.
وقول أمير المؤمنين عليه السلام لشريح (8) لما طالبه بالبينة على ما ادعاه في درع طلحة: ويحك خالفت السنة بمطالبة إمام المسلمين ببينة، وهو مؤتمن على أكثر من هذا (9)، يدل على ما قلناه، لأنه أضاف الحكم بالعلم إلى البينة على رؤوس