كما أنه لا مجرى لأصالة بقاء العهدة بغير ما يختاره المالك لما مر (1) من أنه لو دفع المثل والقيمة إلى المالك لسقطت العهدة قطعا، سواء رضي بأحدهما بالخصوص أم لا.
وإن قلنا بالثالث فلا شك في بقاء العهدة أبدا، وإنما الشك في أن حكم العهدة الباقية هل هو وجوب دفع المثل أو القيمة، ولا متيقن بينهما حتى يؤخذ به ويجري الأصل في غيره، فلا مجال أيضا للتمسك بالعام ولا لاستصحاب الضمان المستفاد من قوله (صلى الله عليه وآله) (على اليد)، بل ينحصر استصحاب العهدة فيما إذا شك في حصول أداء العين حقيقة.
- قوله (قدس سره): (التخيير في الأداء من جهة دوران الأمر... الخ) (2).
لا يذهب عليك أن التخيير الشرعي مورده الخبران المتعارضان مع عدم المرجح، وليس ما نحن فيه من هذا القبيل، والتخير العقلي مورده دوران الأمر بين أمرين بحيث لا يمكن الاحتياط بفعلهما أو بتركهما، وقد عرفت إمكانه بدفع المثل والقيمة، وإن لم يخرج كلاهما عن ملكه.
وما أفاده (قدس سره) من عدم تعين المثل والقيمة بنحو لم يكن لأحدهما الامتناع لا يوجب امتناع الاحتياط على الوجه المزبور، والتشاح لا يوجب ابطال الاحتياط ولا امتناعه.
- قوله (قدس سره): (لأنه أقرب إلى التالف من حيث المالية والصفات... الخ) (3).
لا ريب في أن المثل أقرب إلى التالف، ولا ينسلخ عن هذا الشأن أبدا، إلا أن المظنون من حال العقلاء ورعايتهم للحكمة عدم التضمين بالأقرب مطلقا، بل إذا كان الأقرب موجودا نوعا فماله مماثل نوعا من حيث الحقيقة والصفات التي بها